نرجع بها على عمرو؛ ونقول: إنه قد اضطرب في إسناد هذا الحديث، ولم يضبطه، فمرة يرويه عن عبد الله بن عمرو، مع شكه فيه، ومرة يرويه عن ابن عباس، والله أعلم.
* ثانيًا: له طرق أخرى عن أبي الجوزاء، فمنها:
١ - ما رواه أبو شيبة داود بن إبراهيم [بن رُوزْبَه] البغدادي [شيخ معروف، صدوق. سؤالات السهمي (٤١٢)، تاريخ بغداد (٩/ ٣٥٣ - ط. الغرب). السير (١٤/ ٢٤٤)، تاريخ الإسلام (٢٣/ ٢٦٩)، اللسان (٣/ ٣٩٤)]: حدثنا محمد بن حميد الرازي: حدثنا جرير بن عبد الحميد، قال: وجدت في كتابي بخطي، عن أبي جناب الكلبي، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أحبوك، ألا أعطيك، ألا أجيزك؟ أربع ركعات من صلاهن غفر له كل ذنب: قديم أو حديث، صغير أو كبير، خطأ أو عمد، تبدأ فتكبر أول الصلاة، ثم تقول قبل القراءة خمس عشرة مرة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم تقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم تقولهن عشرًا، ثم تركع فتقولهن عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقولهن عشرًا، ثم تسجد فتقولهن عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقولهن عشرًا، ثم تسجد الثانية فتقولهن عشرًا".
فقال العباس: ومن يطيق هذا؟ قال:"ولو في سنة، ولو في شهر، ولو في جمعة، ولو أن تقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} ".
أخرجه البيهقي في الشعب (١/ ٤٢٨/ ٦١١ م)، والخطيب في صلاة التسبيح (٢١).
وهذا إسناد واهٍ، وهو غريب جدًّا من حديث جرير؛ يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي: ضعيف، مشهور بالتدليس، وكان يدلس عن الثقات ما سمع من الضعفاء، فكثرت المناكير في حديثه [انظر: التهذيب (٤/ ٣٥٠)]، ومحمد بن حميد الرازي: حافظ، أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، وهو كثير المناكير.
قال البيهقي:"ورواه قتيبة بن سعيد، عن يحيى بن سليم، عن عمران بن مسلم، عن أبي الجوزاء، قال: نزل عليَّ عبد الله بن عمرو بن العاص، فذكر هذا الحديث، وخالفه في رفعه، فلم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر التسبيحات ابتداء القراءة، إنما ذكرها بعدها، ثم ذكرها في جلسة الاستراحة، كما ذكرها سائر الرواة، والله أعلم، وكذلك رواه عمرو بن مالك وغيره، عن أبي الجوزاء، موقوفًا".
٢ - ورواه يحيى بن عثمان، قال: حدثنا نعيم بن حماد، قال: حدثنا يحيى بن سليم، عن عمران بن مسلم، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال لرجل:"ألا أحبوك؟ ألا أمنحك؟ ... " وذكر صلاة التسبيح بطوله.
أخرجه العقيلي في الضعفاء (١/ ١٢٤)(١/ ١٦٨/٢٩٥ - ط. التأصيل).
قال العقيلي:"وليس في صلاة التسبيح حديث يثبت".
قلت: وهذا حديث منكر؛ وعمران بن مسلم هذا يغلب على ظني أنه ليس بالمنقري القصير البصري الثقة المشهور، الذي يروي عنه جماعة من الثقات، وإنما هو المكي الذي