للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عباس فيما رووه عنه، ولي في هذا بحث مستقل تتبعت فيه مرويات ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وظهر لي فيه صدق مقولة العلامة المعلمي اليماني في التنكيل (٢/ ٣١٠): "وقال بعضهم: إنما يروي عنه بواسطة مجاهد أو سعيد بن جبير، ولا دليل على أنه لا يروي عنه بواسطة غيرهما".

قلت: وهذا أبو علي صالح بن محمد لما سئل عن علي بن أبي طلحة: ممن سمع التفسير؟ قال: "من لا أحد، وروى عنه الثقات" [تاريخ بغداد (١٣/ ٣٨١)].

وقال أبو أحمد الحاكم في الكنى: "لم يسمع من ابن عباس شيئاً، ولا يتابع في تفسيره عن ابن عباس" [الأسامي والكنى لأبي أحمد الحاكم (٣/ ٢٨٧) (٣/ ١٠١ - ط. الجامعة الإسلامية)].

وقال الحاكم: "ليس ممن يعتمد على تفسيره الذي يروى عن معاوية بن صالح عنه" [تاريخ الإسلام (٩/ ٢٢٧)].

وأما دعوى أنه أخذ التفسير عن مجاهد وعكرمة، فهي دعوى لا برهان عليها إلا الظن والتخمين، وقد أطلت في بيان رد هذه الدعوى، وبسطت القول في البحث المذكور، فلا أعيده هنا.

ومما قلت هناك أيضًا: وانظر في ذلك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض التأسيس (٥/ ٥٢٢) في عدم الاحتجاج بمروياته بمجردها دون أن يوجد لها متابع أو شاهد، وأنها مما يستشهد به، ويعتبر به، لا مما يحتج به على انفراده، فكان مما قال في بيان رد تأويل قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: ٣٥] بقوله: الله سبحانه هادي أهل السماوات والأرض، قال في سياق كلام طويل: "وأحسن حال هذا أن يكون منقولًا عن ابن عباس بالمعنى الذي وصل إلى الوالبي؛ إن كان له أصل عن ابن عباس"، والله أعلم.

وروى محمد بن حميد [الرازي الحافظ؛ أجمع أهل بلده على ضعفه، وكذبه بعضهم، وهو كثير المناكير. راجع: ما تحت الحديث رقم (١٠٤٤)، والحديث رقم (١٣٥٢)]، وعمرو بن رافع [القزويني البجلي: ثقة ثبت]:

عن يعقوب القمي، عن جعفر، عن سعيد، قال: لما أنزل الله على نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)} [المزمل: ١] قال: مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذا الحال عشر سنين يقوم الليل كما أمره الله، وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه، فانزل الله عليه بعد عشر سنين: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} إلى قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [المزمل: ٢٠] فخفف الله عنهم بعد عشر سنين.

أخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان (٢٣/ ٦٧٩ - ط. الرسالة). وابن أبي حاتم في التفسير (١٠/ ٣٣٧٩/ ١٩٠١٢) (٨/ ٢٥٥ - تفسير ابن كثير، ط. طيبة).

قلت: وهذا حديث منكر؛ والمعروف الأول، أن بينهما سنة واحدة، وهذا مرسل

<<  <  ج: ص:  >  >>