الثاني: يرويه ابن لهيعة، عن محمد بن عبد الله بن مالك: أن محمد بن عمرو بن عطاء حدثه، قال: رأيت السائب يشم ثوبه ... فذكره.
أخرجه أحمد (٣/ ٤٢٦)، وأبو عبيد في الطهور (٤٠٦).
وإسناده ضعيف أيضًا: ابن لهيعة: ضعيف، ومحمد بن عبد الله بن مالك الداري المدني: روى عنه ابن لهيعة وعطاف بن خالد، وذكره ابن حبان في الثقات؛ فهو ليس بالمشهور [التاريخ الكبير (١/ ١٢٧)، الجرح والتعديل (٧/ ٣٠٤)، الثقات (٥/ ٣٦١)، التعجيل (٩٤٥)].
فالحديث لا يصح بهذا اللفظ بوجه من الوجوه.
• تنبيه: وقع في سنن ابن ماجه: "رأيت السائب بن يزيد"، وهو وهم بلا شك إما من ابن ماجه أو من النساخ، وإنما هو السائب بن خباب [انظر: تحفة الأشراف (٣/ ٢٦٠)، النكت الظراف، الإطراف بأوهام الأطراف (١٢٩)، التهذيب (٣/ ٢٥٨)].
والسائب بن خباب: قد اختلف في صحبته أيضًا [انظر: التاريخ الكبير (٤/ ١٥١)، الجرح والتعديل (٤/ ٢٤٠)، الثقات (٤/ ٣٢٧)، مشاهير علماء الأمصار (٥٥٤)، الطبقات الكبرى (٥/ ٨٨)، الاستيعاب (١٠٦٥)، أسد الغابة (٢/ ٣٩٠)، الإصابة (٣/ ٢٠)، الإنابة (١/ ٢٤٢)، التهذيب (٣/ ٢٥٧)، إكمال مغلطاي (٥/ ١٩٨)، وغيرها].
• قال البغوي في شرح السُّنَّة (١/ ٣٥٤): "وقوله: "حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا" معناه: حتى يتيقن الحدث، لا أن سماع الصوت أو وجود الريح شرط، فإنه قد يكون أصم لا يسمع الصوت، ويكون أخشم لا يجد الريح، وينتقض طهره إذا تيقن الحدث.
قال: في الحديث دليل على أن الريح الخارجة من أحد السبيلين يوجب الوضوء.
قال أصحاب الرأي: خروج الريح من القبل لا يوجب الوضوء ....
وفي الحديث دليل على: أن اليقين لا يزول بالشك في شيء من أمر الشرع، وهو قول عامة أهل العلم، فمن تيقن الطهارة وشك في الحدث جاز له أن يصلي، ولو تيقن في الحدث وشك في الطهارة لم يجز له أن يصلي حتى يتوضأ، ولو شك في نكاح امرأة لم تحل له، ولو تيقن النكاح وشك في الطلاق كان على النكاح".
وانظر: الأوسط لابن المنذر (١/ ٢٤١).
• وفي الباب أيضًا:
عن أبي سعيد، وابن عباس، وفي حديث أبي سعيد زيادة: "إذا جاء أحدَكم الشيطانُ فقال: إنك قد أحدثت، فليقل في نفسه: كذبت" [عند ابن حبان (٢٦٦٦)].
فهل هذا ثابت من السُّنَّة أن يقول عند الوسوسة في نفسه "إنك كذبت"، يخاطب الشيطان؟
فنقول وبالله التوفيق:
١ - حديث أبي سعيد هذا يرويه: يحيى بن أبي كثير، عن عياض بن هلال -وقيل: