وابن عباس، وابن عمر، وعمران بن حصين، وعبد الله بن مغفل المزني، وأبي هريرة، وعائشة، وغيرهم من الصحابة.
كما أن حميداً كان يجالس الحسن البصري، وإن كان أكبر سنًا من الحسن [انظر: المعرفة والتاريخ (٢/ ٦٧ و ٦٨)]، وكان من فقهاء أهل البصرة وعلمائهم، ممن كان يُرجَع إلى رأيه في النوازل [مشاهير علماء الأمصار (٦٦٧)، السير (٤/ ٢٩٣)].
كما أن ابنه عبيد الله قد سمع من عامر بن شراحيل الشعبي، وهو: تابعي من الطبقة الثالثة [التاريخ الكبير (٥/ ٣٧٧)، سنن أبي داود (٣٥٢٤)].
فكيف لم يسمع حميد من أبي هريرة؟! مع تقدمه في السن، وقد روى عنه بعض أصحاب أبي هريرة، ومع كونه كان يحج ويعتمر فيلتقي بأبي هريرة وغيره من الصحابة، وكانت وفاته بعد سنة ثمانين على ما قاله خليفة في الطبقات (٢٠٤) [وانظر: تاريخ الإسلام (٦/ ٥٣ و ٣٣٨)]، ويستأنس على اتصاله أيضًا بقول أبي حاتم السابق نقله:"والصحيح متصل: حميد، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -" [العلل (٧٥١)]، بل قد جزم الخطيب البغدادي بسماع حميد من أبي هريرة وابن عباس [المتفق والمفترق (١/ ٧١٢)].
فهو من كبار الطبقة الوسطى من التابعين، أو من صغار الطبقة الأولى منهم، وهو أكبر سنًا وطبقةً من ابن سيرين والحسن البصري، وقد عدَّه النسائي في الطبقة الأولى من التابعين من فقهاء أهل البصرة، وقرنه بمطرف بن عبد الله بن الشخير، بعد الصحابة مباشرة، وعدَّ الحسن وابن سيرين في الطبقة التي تليها [تسمية فقهاء الأمصار (٧٨)]، بينما عده مسلم في الطبقة الثانية من تابعي أهل البصرة، في طبقة الحسن وابن سيرين [طبقات مسلم (١٧٣٦)]، وتصرف النسائي أقرب للصواب، وهو لم يدرك كبار الصحابة، قال أبو زرعة:"وحميد بن عبد الرحمن: لم يلق أبا بكر، ولم يقارب لقاءه" [العلل (٢١٠٤)].
وقد حدَّث عنه أبو التياح يزيد بن حميد الضبعي [تابعي، من الطبقة الصغرى] بحديث سمعه منه قبل خمسين سنة من حين حدث به [علل ابن أبي حاتم (٢١٠٤)].
ولعله لهذه القرائن وغيرها قال الخطيب في ترجمته من المتفق والمفترق (١/ ٧١٢): "حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري: سمع أبا هريرة، وعبد الله بن عباس".
ثم كيف يُدَّعى تفرده بهذا الحديث، وأنه لم يتابع على ما جاء به؟! أما فضل صلاة الليل، ففيه أحاديث عدة، منها ما ذكرنا في هذا الباب، ومنها ما يأتي ذكره لاحقاً إن شاء الله تعالى، وأما فضل صيام المحرم، فلكونه متضمناً لصيام عاشوراء، وكان قد فرض الله صيامه على الناس قبل فرض صيام رمضان، فكيف لا يكون الصيام في شهر الله المحرم يأتي في المرتبة الثانية بعد صيام شهر رمضان؛ وقد كان الصوم فيه فرضاً قبل فرضه في رمضان.
فقد أخرج الشيخان من حديث: هشام بن عروة، عن أبيه، أن عائشة - رضي الله عنها -، قالت: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه، فلما قدم المدينة