للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخالفه معاوية بن عمرو فرواه عن زائدة به موقوفًا، وتابعه على وقفه عن الأعمش: جرير بن عبد الحميد، ثم رواه عن عبدة به موقوفًا أيضًا: سفيان الثوري، وابن عيينة، وأما الاختلاف في تابعيه، هل هو: سويد بن غفلة، أم زر بن حبيش؟ فلا يضر؛ لكونهما كانا حاضرين في مجلس واحد، لكن عبدة لم يضبط ممن سمعه، ولا يضر ذلك؛ إذ كل منهما ثقة مخضرم، فقد ماتا سنة ثمانين أو بعدها بقليل، وعمَّرا طويلًا، حيث توفيا عن عمر يناهز (١٣٠) سنة، والله أعلم.

* فإن قيل: قد رواه شعبة عن عبدة به مرفوعًا:

فيقال: ثبت العرش ثم انقش؛ فقد رواه أبو إسحاق محمد بن سعيد الأنصاري: حَدَّثَنَا مسكين بن بكير: حَدَّثَنَا شعبة، عن عبدة بن أبي لبابة، عن سويد بن غفلة؛ أنه عاد زر بن حبيش في مرضه، فقال: قال أبو ذر، أو أبو الدرداء - شك شعبة -: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبد يحدث نفسه بقيام ساعة من الليل، فينام عنها، إِلَّا كان نومه صدقة تصدق الله بها عليه، وكتب له أجر ما نوى".

أخرجه ابن حبان (٦/ ٣٢٣/ ٢٥٨٨)، [الإتحاف (١٤/ ١٢٠/ ١٧٥٠٢)، المسند المصنف (٢٧/ ١١٦/ ١٢١٦٣)].

قلت: مسكين بن بكير الحراني: لا بأس به، كان كثير الوهم، حدث عن شعبة بأحاديث لم يروها أحد [التهذيب (٤/ ٦٤))]، والراوي عنه: أبو إسحاق محمد بن سعيد بن حماد الأنصاري الحراني، روى عنه: النسائي، وابن الباغندي، وأبو عروبة الحراني، وأبو أمية الطرسوسي، قال النسائي: "لا أدري ما هو؟ "، وذكره ابن حبان في الثقات [الثقات (٩/ ١٠٢)، تاريخ الإسلام (١٨/ ٤٣٦)، التهذيب (٣/ ٥٧٣)].

قال الدارقطني في العلل (٦/ ٢٠٧/ ١٠٧٤) بعد ذكر رواية الأعمش والثوري: "رفعه مسكين بن بكير عن شعبة، ووقفه غندر وغيره، ووقفه ابن عيينة عن عبدة، ولم يرفعه، والمحفوظ: الموقوف".

وعليه؛ فإن رواية مسكين بن بكير هذه شاذة، والمحفوظ عن شعبة: موقوف.

* والحاصل: فإن هذا حديث موقوف على أبي الدرداء أو أبي ذر بإسناد صحيح.

* وقد رواه مهدي بن جعفر: حَدَّثَنَا ضمرة، عن الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود، قال: عن النَّبِيّ - عَلِيْهِ السَّلَام -، قال: "من حدث نفسه بقيام الليل فنام كان ذلك صدقة عليه، وكتب الله له أجر قيامه".

أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (٥٠٩).

قلت: وهذا حديث خطأ؛ وذكر ابن مسعود فيه وهم، وجادة مسلوكة، ورواية زر عن ابن مسعود في الصحيحين [انظر: التحفة (٦/ ٢٧١/ ٩٢٠٥)]، إنما هو عن أبي الدرداء أو أبي ذر موقوفًا، ولا يثبت هذا عن الأوزاعي؛ ضمرة بن ربيعة الفلسطيني: ثقة، لكن له أوهام وإفرادات عن الأوزاعي لا يتابع عليها [انظر مثلًا: تاريخ أبي زرعة الدمشقي (٤٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>