الصديق والفاروق، وبيان حالهما في صلاة الليل فكيف لم يشتهر هذا الحديث عند أصحاب محمد بن عمرو؟!
فإن قيل: محمد بن عمرو بن علقمة الليثي المدني: صدوق، حسن الحديث، أخرج له الشيخان، فيقال: لكنهما لم يحتجا به، أخرج له البخاري مقرونًا بغيره وتعليقًا، وأخرج له مسلم متابعة أهدي الساري (٢/ ١١٨٢)، التهذيب (٣/ ٦٦٣)، الميزان (٣/ ٦٧٣)]، وذلك فضلًا عن كونه ممن كان يهم في الروايات، ويسلك الجادة أحيانًا، ولم يكن بذاك الحافظ [انظر بعض أوهامه في: الحديثين المتقدمين برقم (٢٨٦ و ٨١٠)]، والله أعلم.
° ومما يؤكد صحة ما ذهبت إليه من استغراب هذا من حديث أبي هريرة:
ما ذكره ابن أبي حاتم في العلل (٢٧٠) مما يدل على اشتهار هذا من حديث أبي سلمة مرسلًا، وليس متصلًا؛ حيث قال في سياق كلام طويل:"وروى سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعمر مولى غُفرة عمن حدثه؛ كلهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بأبي بكر وهو يخافت صوته بالقراءة، ومر بعمر وهو يجهر، ومر ببلال وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة".
* وقد روي من وجه آخر عن أبي هريرة، ولا يثبت أيضًا:
قال: الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (٣/ ٩٩٨/٢٩٢): حدثنا عمر بن أبي عمر، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم المصري [ثقة ثبت]، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني عبد الله بن سليمان، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد بن حجيرة [كذا؛ إنما هو: عن أبي سعيد، أو: عن ابن حجيرة، كما سيأتي]، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه مر ببلال وهو يقرأ من هذه السورة وهذه السورة، وقال: أخلط الطيب بالطيب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرأ السورة على نحوها"، ثم قال:"مثل بلالٍ كمثل نحلةٍ غدت تأكل من الحلو والمر، ثم يمسي حلوًا كله".
قلت: الحكيم الترمذي تكلم فيه ابن العديم صاحب تاريخ حلب، وكان مما قال فيه:"لم يكن من أهل الحديث وروايته، ولا علمَ له بطرقه ولا صناعته" [اللسان (٧/ ٣٨٨)]، وشيخه عمر بن أبي عمر العبدي البلخي، قال فيه الجوزقاني:"مجهول"، فتعقبه ابن حجر في اللسان بقوله:"عمر: معروف، لكنه ضعيف"، وقال في الفتح:"وهو واهٍ"، قلت: وليس هو بالذي يروي عن أبي الزبير، ولا عن عمرو بن شعيب، ولا عن عبد الله بن طاووس، فإنه ليس من طبقة من يروي عن هؤلاء، وقد فرق الخطيب بينهم في المتفق، والله أعلم [المتفق والمفترق (٢/ ١٢٥٩/ ٧٩٢) و (٣/ ١٦١٢/ ١٠٨٢)، الأباطيل والمناكير (٢/ ٤٣٣/٦٤)، اللسان (١/ ٣١٠)، الفتح لابن حجر (١٢/ ٣٥٤)].
• خالفه: أحمد بن حماد زغبة [هو: أحمد بن حماد بن مسلم أبو جعفر المصري: ثقة]، قال: نا سعيد بن أبي مريم، قال: أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني عبد الله بن سليمان، عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة، عن