للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحدةً أو ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا، وهذا كله يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأحب إليَّ أن يوتر بواحدة؛ إذا كان قبلها صلاة متقدمة".

وقال ابن القيم في الزاد (١/ ٣١٩): "قال أبو طالب: سألت أبا عبد الله: إلى أي حديث تذهب في الوتر؟ قال: أذهب إليها كلِّها: من صلى خمسًا لا يجلس إلا في آخرهن، ومن صلى سبعًا لا يجلس إلا في آخرهن، وقد روي في حديث زرارة عن عائشة: يوتر بتسع يجلس في الثامنة.

قال: ولكن أكثر الحديث وأقواه ركعة، فانا أذهب إليه، ... ".

وقال ابن المنذر في الأوسط (٥/ ١٨٧): "وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوتر بخمس، لم يجلس إلا في آخرهن".

• فإن قيل: نقل ابن عبد البر تضعيفه عن مالك، فقال في الاستذكار (٢/ ١٠٠): "أما حديث هشام بن عروة هذا: فقد أنكره مالك، وقال: مذ صار هشام بالعراق أتانا عنه ما لم نعرف منه".

قلت: لم يضعفه مالك؛ وإنما أخذ ابن عبد البر حكاية منامٍ فجعلها حقيقةً ويقظةً، ثم حمَّلها ما لا يلزم؛ فقد روى علي بن المديني، قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان، قال: "رأيت مالك بن أنس في النوم، فسألته عن هشام بن عروة، فقال: أما ما حدَّث به وهو عندنا فهو؛ أي كأنه يصححه، وما حدَّث به بعدما خرج من عندنا؛ فكأنه يوهنه" [التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (٢/ ٣٠٧/ ٣٠٦٢)، الجرح والتعديل ١١/ ٢٢)، التهذيب (٤/ ٢٧٥)].

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢٢/ ١١٩) بعد حديث مالك عن هشام الآتي بعد هذا برقم (١٣٣٩): "ذكر قوم من رواة هذا الحديث عن هشام بن عروة: أنه كان لا يجلس في شيء من الخمس ركعات إلا في آخرهن، رواه حماد بن سلمة وأبو عوانة ووهيب وغيرهم، وذكروا: أنه كان لا يسلم بينهن، وذلك كله لا يثبت؛ لأنه قد عارضه عن عائشة ما هو أثبت منه، وأكثر الحفاظ رووا هذا الحديث عن هشام كما رواه مالك، والأصول تعضد رواية مالك؛ لأنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "صلاة الليل مثنى مثنى"، وهذا من الأحاديث التي لم يختلف في إسنادها ولا في متنها، وهو حديث ثابت مجتمع على صحته، وهو قاضٍ في هذا الباب على ما كان ظاهره خلافه، ... ثم قال: "الرواية المخالفة في حديث هشام بن عروة هذا لرواية مالك فيه إنما حدث به عن هشام أهل العراق، وما حدث به هشام بالمدينة قبل خروجه إلى العراق أصح عندهم، ولقد حكى علي بن المديني عن يحيى بن سعيد القطان قال: رأيت مالك بن أنس في النوم فسألته عن هشام بن عروة، فقال: أما ما حدث به عندنا - يعني: بالمدينة قبل خروجه فكأنه يصححه -، وأما ما حدث به بعد ما خرج من عندنا، فكأنه يوهنه" [وانظر كلام القاضي عياض في: إكمال المعلم (٣/ ٨٥)؛ فلو كان عنده نص عن مالك في تضعيف هذا الحديث بعينه وإنكاره على هشام لنقله، ولكنه نقل الرؤيا فدل على ما قلت، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>