ومني، وهو وصف منضبط يسهل تعليق الحكم الشرعي به، وعليه فيكون الناقض للوضوء ليس هو نفس المس بشهوة، ولكن الخارج من القبل نتيجة المس بشهوة.
راجع: الفروق (٢/ ٢٨٣) الفرق (٩٨).
• وأما ما استدلوا به من حديث معاذ، فلا يصح سنده، ولا ينتهض معناه للدلالة على المطلوب.
فقد روى زائدة وجرير، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ، فقال: يا رسول الله! ما تقول في رجل لقي امرأة لا يعرفها، فليس يأتي الرجل من امرأته شيئًا إلا قد أتاه منها، غير أنه لم يجامعها؟ قال: فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية [هود: ١١٤]، قال: فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "توضأ، ثم صل".
وفي رواية: "توضأ وضوءًا حسنًا، ثم قم فصل"، قال معاذ: فقلت: يا رسول الله! أله خاصة أم للمؤمنين عامة؟ قال: "بل للمؤمنين عامة".
أخرجه الترمذي (٣١١٣)، والحاكم (١/ ١٣٥)، وأحمد (٥/ ٢٤٤)، وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (٧٧ و ٧٨)، وعبد بن حميد (١١٠)، وابن جرير الطبري في تفسيره (٧/ ١٣٣/ ١٨٦٩١ و ١٨٦٩٥)، والطبراني في الكبير (٢٠/ ١٣٦ و ١٣٧/ ٢٧٧ و ٢٧٨)، والدارقطني (١/ ١٣٤)، والبيهقي (١/ ١٢٥)، والذهبي في السير (٧/ ٣٧٨).
وخالفهما: شعبة، فرواه عن عبد الملك بن عمير، عن ابن أبي ليلى: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أصبت من امرأة ما دون الجماع، فأنزل الله هذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} إلى {ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: ١١٤]، فقال معاذ: يا رسول الله! أله خاصة؟ فقال: "بل للناس كافة".
أخرجه النسائي في الكبرى (٦/ ٤٨١/ ٧٢٨٧)، وابن جرير في تفسيره (٧/ ١٣٣/ ١٨٦٩٢ و ١٨٦٩٣).
هكذا مرسلًا.
والحديث صححه الحاكم، وقال الدارقطني: "صحيح".
لكن قال الترمذي: "هذا حديث ليس إسناده بمتصل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، ومعاذ بن جبل مات في خلافة عمر، وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام صغير ابن ست سنين، وقد روى عن عمر ورآه، وروى شعبة هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: مرسل".
وقال البيهقي: "وفيه إرسال، عبد الرحمن بن أبي ليلى: لم يدرك معاذ بن جبل".
وقال الذهبي في السير: "وعلته: أن شعبة رواه عن عبد الملك فأرسله، لم يذكر معاذًا، وعبد الرحمن ما أدرك معاذًا".
فظهرت بذلك علة الحديث، وله علة أخرى: