قال العلامة الألباني في الضعيفة (٢/ ٤٢٨/ ١٠٠٠): "وقد جاءت هذه القصة عن جماعة من الصحابة في الصحيحين والسنن والمسند وغيرها من طرق وأسانيد متعددة، وليس في شيء منها أمره - صلى الله عليه وسلم - بالوضوء والصلاة، فدل ذلك على أن الحديث منكر بهذه الزيادة، والله أعلم".
فمن ذلك: ما رواه أبو عثمان النهدي، عن عبد الله بن مسعود: أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك له، قال: فنزلت: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤)} [هود: ١١٤]، قال: فقال الرجل: ألي هذه؟ يا رسول الله! قال: "لمن عمل بها من أمتي".
أخرجه البخاري (٥٢٦ و ٤٦٨٧)، ومسلم (٢٧٦٣)، والترمذي (٣١١٤)، والنسائي في الكبرى (١/ ٢٠٦/ ٣٢٣) و (٦/ ٤٨٠/ ٧٢٨٥) و (١٠/ ١٣٠/ ١١١٨٣)، وابن ماجه (١٣٩٨ و ٤٢٥٤)، وابن خزيمة (٣١٢)، وابن حبان (٥/ ١٨/ ١٧٢٩)، وأحمد (١/ ٣٨٥ و ٤٣٠)، وعبد الرزاق (١٣٨٣٠)، وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (٧٦)، وأبو يعلى (٩/ ١٥٦/ ٥٢٤٠)، والطبراني في الكبير (١٠/ ٢٣٠/ ١٠٥٦٠)، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٢٤١ و ٣٢٢)، وفي الشعب (٣/ ٤٢/ ٢٨١٥).
وانظر بقية الشواهد في صحيح مسلم، وسنن الترمذي، والنسائي، وتعظيم قدر الصلاة، وغيرها.
ثم قال الألباني رحمه الله تعالى: "إذا تبين هذا فلا يحسن الاستدلال بالحديث على أن لمس النساء ينقض الوضوء، كما فعل ابن الجوزي في التحقيق (١/ ١١٣) وذلك لأمور:
أولًا: أن الحديث ضعيف لا تنهض به حجة.
ثانيًا: أنه لو صح سنده، فليس فيه أن الأمر بالوضوء إنما كان من أجل اللمس، بل ليس فيه أن الرجل كان متوضئًا قبل الأمر حتى يقال: انتقض باللمس! بل يحتمل أن الأمر إنما كان من أجل المعصية تحقيقًا للحديث الآخر الصحيح بلفظ: "ما من مسلم يذنب ذنبًا فيتوضأ ويصلي ركعتين إلا غفر له"، أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وصححه جمع، كما بينته في تخريج المختارة (رقم ٧).
ثالثًا: هب أن الأمر إنما كان من أجل اللمس، فيحتمل أنه من أجل لمس خاص؛ لأن الحالة التي وصفها هي مظنة خروج المذي الذي هو ناقض للوضوء، لا من أجل مطلق اللمس، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال.
والحق أن لمس المرأة وكذا تقبيلها لا ينقض الوضوء، سواء كان بشهوة أو بغير شهوة، وذلك لعدم قيام دليل صحيح على ذلك، بل ثبت: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ.
... وتقبيل المرأة إنما يكون مقرونًا بالشهوة عادة" انتهى كلامه.
قلت: قد سبق بيان عدم ثبوته، وأما الأمر الثاني من وجوه عدم صحة الاستدلال