وعلى هذا فالمحفوظ عن مخرمة بن سليمان: رواية من أثبت ركعتي الفجر بعد الاضطجاع، وقبل خروجه للصلاة من غير فصل.
وتابعه على ذلك ممن رواه عن كريب:
شريك بن أبي نمر، رواه عن كريب به [عند الشيخين]، فقال: فصلى ركعتين ثم خرج فصلى الصبح. لم يفصل بينهما بشيء.
• لكن وقع في رواية سلمة بن كهيل عن كريب [عند الشيخين]: ثم اضطجع فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، فأتاه بلال فآذنه بالصلاة، فقام فصلى، ولم يتوضأ.
وفي رواية عمرو بن دينار عن كريب [عند الشيخين]: ثم اضطجع فنام حتى نفخ، فأتاه المنادي يؤذنه بالصلاة، فقام معه إلى الصلاة، فصلى الصبح ولم يتوضأ.
قلت: ورواية من أثبت ركعتي الفجر قبل خروجه إلى الصلاة: هي الصواب؛ إذ إنها رواية مفسرة، والأخرى مجملة لم يأت فيها ذكر ركعتي الفجر ولا موضعها.
• وقد صح ذلك من وجه آخر عن ابن عباس:
فقد روى هشيم، عن حصين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس؛ أنه رقد عند النبي - صلى الله عليه وسلم -،. . . فذكر الحديث، وفيه: ثم أوتر، فأتاه بلال، فآذنه بالصلاة حين طلع الفجر، فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصلاة [أصله في مسلم بدونها، وهي زيادة محفوظة. راجع: الحديث المتقدم برقم (١٣٥٣)].
ويشكل على ذلك: ما رواه شعبة، قال: حدثنا الحكم، قال: سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: بت في بيت خالتي ميمونة،. . . فذكر الحديث، وفي آخره: فصلى خمس ركعاتٍ، ثم صلى ركعتين، ثم نام، حتى سمعت غطيطه أو خطيطه، ثم خرج إلى الصلاة [أخرجه البخاري. وتقدم برقم (١٣٥٧)]، والله أعلم.
إلا أن يكون ابن أبي عدي، هو الذي أصاب في روايته حين رواه عن شعبة، فقال فيه: فصلى خمسًا، ثم نام حتى سمعت غَطِيطَه -أو: خَطِيطَه-، ثم قام فصلى ركعتين، ثم خرج، فصلى الغداة. ثم انقلب بعد ذلك على شعبة، فأصبح يحدث أصحابه به مقلوبًا، والله أعلم بالصواب.