مثل قيامهما، وذلك في الشتاء، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحجرة وأنا في البيت، فقلت: والله لأرمقن الليلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأنظرن كيف صلاته؟ قال: فاضطجع مكانه في مصلاه حتى سمعت غطيطه، قال: ثم تعارَّ من الليل، فقام فنظر في أفق السماء وفكر، ثم قرأ الخمس الآيات من سورة آل عمران، ثم أخذ سواكًا فاستنَّ، ثم خرج فقضى حاجته، ثم وجع إلى شَنٍّ معلقة فصب على يده، ثم توضأ ولم يوقظ أحدًا، ثم قام فصلى ركعتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما مثل قيامهما، قال: فأراه صلى مثل ما رقد، قال: ثم اضطجع مكانه، فرقد حتى سمعت غطيطه، ثم صنع ذلك خمس مرات فصلى عشر ركعات، ثم أوتر بواحدة، وأتاه بلال فآذنه بالصبح فصلى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصبح.
وهو حديث جيد، تقدم تخريجه تحت الحديث السابق (١٣٥٥).
° جاء في بعض الروايات: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ برأسه ليحوله من اليسار إلى اليمين، وفي بعضها: أخذ بيده، أو بعضده، أو بذؤابته.
° الاختلاف في موضع ركعتي الفجر قبل الاضطجاع أم بعده:
فقد وقع في رواية مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب [عند الشيخين]: ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج، فصلى الصبح.
وفي رواية عياض بن عبد الله الفهري عن مخرمة بن سليمان [عند مسلم]: ثم أتاه بلال فأيقظه للصلاة، فقام فركع ركعتين خفيفتين، ثم خرج إلى الصلاة.
وفي رواية الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان [عند مسلم]: ثم احتبى حتى إني لأسمع نفَسَه راقدًا، فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين.
وفي رواية سعيد بن أبي هلال، عن مخرمة بن سليمان؛ أن كريبًا مولى ابن عباس أخبره؛ أنه قال: سألت ابن عباس، كيف كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل؟. . . فذكر الحديث إلى أن قال: حتى صلى إحدى عشرة ركعة بالوتر، ثم نام حتى استثقل فرأيته ينفغ، فأتاه بلال، فقال: الصلاة يا رسول الله! فقام فصلى ركعتين، وصلى للناس ولم يتوضأ [وهو حديث صحيح، تقدم برقم (١٣٦٤)].
فدلت هذه الروايات على أنه - صلى الله عليه وسلم - اضطجع بعد الوتر، ثم قام فصلى ركعتين سُنَّةَ الفجر، ثم خرج لصلاة الصبح، ولم يفصل بينهما بشيء.
هكذا تتابع أربعة من الثقات عن مخرمة بن سليمان، وفيهم كبير المتثبتين ورأس المتقنين؛ مالك بن أنس، وروي مرة عن مخرمة بدون ذكر ركعتي الفجر، وهل اضطجع قبلها أم بعدها:
فقد روى عبد ربه بن سعيد [ثقة]، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب [عند الشيخين]: فصلى في تلك الليلة ثلاثَ عشرةَ ركعةً، ثم نام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، ثم أتاه المؤذن فخرج فصلى، ولم يتوضأ.