فإن جاء مأموم آخر، أحرم عن يسار الإمام، فإن كان قدام الإمام واسعًا ووراءهما ضيقًا، تقدم الإمام، وإن كان وراءهما واسعًا، تأخر المأمومان، سواء كان قدام الإمام واسعًا أو ضيقًا؛ لما روى جابر، قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقمت عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر، فقام عن يساره، فدفعنا جميعًا، حتى أقامنا من خلفه.
ولأنهما تابعان للإمام، فكانا أولى بالتأخير، بدليل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدار ابن عباس، ولم يدر هو" [وانظر أيضًا: الأعلام بفوائد عمدة الأحكام (٢/ ٥٣٩)].
° قلت: وهذه تراجم الإمام البخاري في صحيحه لطرق حديث ابن عباس [متبوعة برقم الحديث]؛ مما يدل على دقة فهم واستنباط هذا الإمام المحدث الفقيه:
السمر في العلم (١١٧)، التخفيف في الوضوء (١٣٨)، قراءة القرآن بعد الحدث وغيره (١٨٣)، يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواءً؛ إذا كانا اثنين (٦٩٧)، إذا قام الرجل عن يسار الإمام فحوله الإمام إلى يمينه لم تفسد صلاتهما (٦٩٨)، إذا لم ينوِ الإمامُ أن يؤمَّ ثم جاء قومٌ فأمَّهم (٦٩٩)، إذا قام الرجل عن يسار الإمام وحوله الإمام خلفه إلى يمينه تمت صلاته (٧٢٦)، ميمنة المسجد والإمام (٧٢٨)، وضوء الصبيان، ومتى يجب عليهم الغسل والطهور، وحضورهم الجماعة والعيدين والجنائز، وصفوفهم (٨٥٩)، ما جاء في الوتر [وأورد فيه حديث مالك](٩٩٢)، استعانة اليد في الصلاة إذا كان من أمر الصلاة (١١٩٨)، وبوب له في التفسير بأربع آيات من آل عمران (٤٥٦٩ - ٤٥٧٢)، الذوائب (٥٩١٩)، رفع البصر إلى السماء (٦٢١٥)، الدعاء إذا انتبه من الليل (٦٣١٦)، ما جاء في تخليق السماوات والأرض وغيرها من الخلائق (٧٤٥٢).
* ومما ينبغي التنبيه عليه: أن حديث ابن عباس هذا وقع فيه اختلاف كثير بين رواته عن ابن عباس، وسبق التنبيه على كيفية الجمع بين طرق الحديث في عدة مواضع، وبيان المحفوظ المقبول منها من الشاذ المردود؛ لكني هنا أود التنبيه على ما احتمله الشيخان من بعض أنواع الاختلاف المستساغ مما يحتمل تأويله بوجه من الوجوه:
° الاختلاف في عدد الركعات، ففي حديث علي بن عبد الله بن عباس: صلى ستًّا؛ ركعتين ركعتين، يفصل بينها بالنوم والاستياك والوضوء وتلاوة الآيات، ثم صلى ثلاثًا، فصار المجموع تسع ركعات.
وفي حديث سعيد بن جبير: صلى أربعًا بعد العشاء، ثم نام فقام فصلى خمسًا.
وفي حديث كريب: صلى إحدى عشرة ركعة، ثم صلى ركعتي الفجر، فمنهم من أدخلهما في العدد ليصبح ثلاث عشرة ركعة.
ورواية سليمان بن بلال تحل هذا الإشكال وتجمع بين روايات الحديث:
فقد روى سليمان بن بلال، قال: حدثني شريك بن أبي نمر، عن كريب أنه أخبره؛ أنه سمع ابن عباس يقول: بت ليلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما انصرف من العشاء الآخرة انصرفت معه، فلما دخل البيت ركع ركعتين خفيفتين، ركوعهما مثل سجودهما، وسجودهما