سقاء فتوضأ وشرب قائمًا، قلت: والله لأفعلنَّ كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقمت وتوضأت وشربت قائمًا، ثم صففت خلفه، فأشار إليَّ لأوازيَ به أقوم عن يمينه، فأبَيْتُ، فلما قضى صلاته قال:، ما منعك أن لا تكون وازيت بي؟ "، قلت: يا رسول الله! أنت أجلُّ في عيني وأعزُّ من أن أوازيَ بك، فقال: "اللَّهُمَّ آته الحكمة".
أخرجه أبو نعيم في الحلية (١/ ٣١٥)، بإسناد جيد إلى الخراز [صححت إسناده من الجرح والتعديل لابن أبي حاتم].
قال ابن رجب في الفتح (٤/ ١٩٣): "إسناد مجهول؛ فلا تعارض به الروايات الصحيحة الثابتة".
قلت: هو حديث منكر؛ عبد المؤمن الأنصاري هذا: مجهول؛ ولا أراه سمع ابن عباس، ولا أدركه، ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (٦/ ٦٥) بقوله: "عبد المؤمن: روى عن ابن عباس، روى عنه: يونس بن أبي إسحاق".
ولا يحتمل التفرد بمثل هذا عن الإمام الثبت النضر بن شميل، على كثرة أصحابه الثقات، وأبو يزيد الخراز خالد بن حيان: رَقِّي، ليس به بأس، له غرائب ومناكير لا يتابع عليها، وهذا منها، والله أعلم.
* ونختم الكلام عن حديث ابن عباس هذا ببعض الفوائد:
° قال العمراني في البيان في شرح المهذب (٢/ ٤٢٣): "قال أصحابنا: وفي هذا الخبر أربع عشرة فائدة:
إحداهن: أن المأموم الواحد ينبغي له أن يكون على يمين الإمام.
الثانية: أنه إذا خالف، ووقف على يساره صحت صلاته.
الثالثة: أنه لا يلزمه سجود السهو.
الرابعة: أنه إذا وقف عن يساره ينبغي له أن يتحول إلى يمينه.
الخامسهّ: أنه إذا لم يتحول حوله الإمام.
السادسة: أنه يحوله بيمينه دون يساره.
السابعة: أن يديره من خلفه.
الثامنة: أن صلاة النفل يحرم فيها الكلام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكلمه.
التاسعة: أن النفل يجوز فعله جماعة.
العاشرة: أن العمل اليسير لا يبطل الصلاة، مثل ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الإحدى عشرة: أن المشي القليل لا يبطل الصلاة، مثل مشي ابن عباس.
الاثنتا عشرة: أن الصبي له موقف في الصف كالبالغ؛ لأن ابن عباس كان صبيًّا.
الثالثة عشرة: أن المأموم يدور هو، ولا يدور الإمام.
الرابعة عشرة: أن المرور بين يدي المصلي مكروه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أداره من خلفه، ولم يدره بين يديه.