أخرجه عبد الرزاق (٣/ ٦٦/ ٤٨١٥)، وابن أبي شيبة (٢/ ١٩/ ٥٩٧٠ و ٥٩٧٢)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (١٠٨)، والطبراني في الكبير (٩/ ٢٨٦/ ٩٤٤٢ - ٩٤٤٤).
وتابعه: زهير بن معاوية: ثنا أبو إسحاق، عن أبي عبيدة، قال: كانت صلاة عبد الله من النهار: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر، ولا يصلي قبل العصر، ولا بعدها.
أخرجه الطبراني في الكبير (٩/ ٢٨٦/ ٩٤٤١)، بإسناد صحيح إلى زهير.
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد جيد.
نعم؛ أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن حديثه عنه صحيح، يدخل في المسند، كما سبق تقريره قبل ذلك [راجع: الحديثين السابقين برقم (٧٥٤ و ٨٧٧)].
ومما نقلت هناك: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "ويقال: إن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن هو عالم بحال أبيه، متلقِّ لآثاره من أكابر أصحاب أبيه، ... ، ولم يكن في أصحاب عبد الله من يُتَّهم عليه حتى يخاف أن يكون هو الواسطة، فلهذا صار الناس يحتجون برواية ابنه عنه، وإن قيل أنه لم يسمع من أبيه" [مجموع الفتاوى (٦/ ٤٠٤)].
وقال ابن رجب في الفتح (٥/ ٦٠): "وأبو عبيدة: لم يسمع من أبيه، لكن رواياته عنه صحيحة"، وقال أيضاً (٦/ ١٤): "وأبو عبيدة: لم يسمع من أبيه، لكن رواياته عنه أخذها عن أهل بيته، فهي صحيحة عندهم".
وقد تحصل من مجموع كلام الأئمة في ذلك: احتجاجهم بحديث أبي عبيدة عن أبيه، مع تصريحهم بأنه لم يسمع منه، وذلك لكونه أخذ هذه الأحاديث عن كبار أصحاب ابن مسعود، وأهل بيته، وليس فيهم مجروح، وأنه لم يرو فيها منكراً.
وعلى هذا فيقال: كيف زهد ابن مسعود في هاتيك الأربع مع فضلها الذي لم أر له مثيلاً في فضائل النوافل، حتى يقتصر على ركعتين بعد العشاء، ولا ينقل عنه ألبتة أنه كان يصلي أربعاً بعد العشاء يبتغي بها ثواب مثلها من ليلة القدر.
بل لم يُعرف عن ابن مسعود، ولا عن أصحابه، ولا عن أهل الكوفة؛ خلاف الثابت في السُّنَّة الصحيحة، فإنهم كانوا يصلون ركعتين بعد العشاء، لا يزيدون عليهما شيئاً:
• فقد روى وكيع بن الجراح، وعبد الرزاق بن همام:
عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، قال: كانوا يعدُّون من السُّنَّة: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر.
قال إبراهيم: وكانوا يستحبون ركعتين قبل العصر، إلا أنهم لم يكونوا يعدونها من السُّنَّة.