قلت: ولا يثبت هذا؛ فإن عبد الجبار بن عباس، وإن وثقه أبو حاتم، ويعقوب بن سفيان، وقال أحمد:"رجل من أهل الكوفة، أرجو ألا يكون به بأس، حدثنا عنه وكيع وأبو نعيم، وكان يتشيع"، وقال ابن معين - في رواية الدوري وابن محرز -، وأبو داود:"ليس به بأس"، وقال العجلي:"كوفي، صويلح، لا بأس به، وكان يتشيع".
فقد تكلم فيه غيرهم، قال ابن سعد:"وكان فيه ضعف، وقد روي عنه"، وقال العقيلي:"لا يتابع على حديثه، وكان يتشيع"، وقال ابن حبان:"كان ممن ينفرد بالمقلوبات عن الثقات، وكان غالياً في التشيع، وكان أبو نعيم يقول: لم يكن بالكوفة أكذب من عبد الجبار بن العباس وأبي إسرائيل الملائي"، وقال ابن عدي:"ولعبد الجبار هذا غير ما ذكرت، وعامة ما يرويه مما لا يتابع عليه " [الطبقات الكبرى (٦/ ٣٦٦)، سؤالات ابن محرز (١/ ٨٨/ ٣١٢)، العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٣٤١/ ٢٥١٣)، التاريخ الكبير (٦/ ١٠٨)، معرفة الثقات (١٠٠٤)، المعرفة والتاريخ (٣/ ١٢١)، ضعفاء العقيلي (٣/ ٨٨)، الجرح والتعديل (٦/ ٣١)، المجروحين (٢/ ١٥٩)، الكامل (٥/ ٣٢٦)، تاريخ أسماء الثقات (٩٩٠)، تاريخ الإسلام (٤/ ١١٣ - ط. الغرب)، الميزان (٢/ ٥٣٣)، التهذيب (٢/ ٤٦٨)، فضل الرحيم الودود (٥/ ٣٤٨/ ٤٤٧)].
قلت: فهو وإن كان صدوقاً لا بأس به؛ إلا أن له أفراداً لا يتابع عليها، ومناكير لا تُعرف إلا من جهته، وهذا منها، ولا يحتمل من مثله التفرد بمثل هذا الفضل العظيم، ولا سيما قوله: لا يفصل بينهن بتسليم، وهو المنافي لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوله؛ فإن المعهود من فعله - صلى الله عليه وسلم - وعادته أنه كان يصلي نوافل النهار والليل ركعتين ركعتين، يفصل بين كل ركعتين بسلام، بخلاف الفريضة [راجع: فضل الرحيم الودود (١٤/ ٣٩٩/ ١٢٩٥) و (١٤/ ٤٤٥/ ١٢٩٦)]، ولما روى مالك، عن نافع، وعبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر؛ أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الليل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح، صلى ركعةً واحدةً، توتر له ما قد صلى" [وهو حديث متفق على صحته. أخرجه البخاري (٩٩٠)، ومسلم (٧٤٩/ ١٤٥). وقد تقدم تخريجه بطرقه تحت الحديث رقم (١٢٩٥)، وهو مروي من قرابة أربعين طريقاً] أفضل الرحيم الودود (١٤/ ٤٠٥/ ١٢٩٥)]، والله أعلم.
والثابت عن ابن مسعود من فعله في النوافل بخلاف هذا المروي من قوله، مما يدل على عدم ثبوته عنه، ومما يؤكد وهم عبد الجبار بن عباس فيه:
ومما ثبت من فعل عبد الله بن مسعود موقوفاً عليه:
ما رواه الأعمش، وسفيان الثوري، وشعبة، ومسعر بن كدام، والمسعودي:
عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، قال: كان تطوع عبد الله الذي لا ينقص منه [وفي رواية: كانت صلاة عبد الله التي لا يكاد يدع]: أربعاً قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل صلاة الغداة.