للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومثل هذا الثواب العظيم مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله، وتحمله وروايته، فلو كان محفوظاً عن عبد الله بن عمرو لاشتهر عنه، ثم لاشتهر عن مجاهد، وهكذا، وإنما الذي اشتهر عن مجاهد؛ أنه من كلامه مقطوعاً عليه، رواه عنه من قوله: ثلاثة؛ حصين بن عبد الرحمن، وهلال بن خباب، والأعمش؛ بينما لا يُعرف من قول عبد الله بن عمرو إلا من طريق حصين عن مجاهد، والله أعلم.

ولو كان هذا ثابتاً عن عبد اللّه بن عمرو من قوله، ثم يقال بعدُ بأن مثله لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، فكيف يهجر النبي - صلى الله عليه وسلم - العمل بهذا الفضل العظيم، حيث يعدل ثواب هذه الأربع كمن صلاها في ليلة القدر، ثم يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - هو أول من يترك العمل به، حيث لم ينقله عنه أحد من أمهات المؤمنين، ولا أحد من أصحابه الملازمين، بل لم يصل إلينا مرفوعاً بإسناد صحيح فرد، حتى يصل إلينا بمثل هذه الأسانيد المعلولة، موقوفاً غير مرفوع، وكيف يخفي الله - عز وجل - ليلة القدر في رمضان، ويأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحريها في العشر الأواخر منه؛ حتى يجتهد المكلف في إدراكها وموافقتها وتحصيل ثوابها، بينما يمكن تحصيل بعض ثوابها بصلاة أربع ركعات بعد العشاء في كل ليلة من ليالي السنة؟!!.

٣ - عن عائشة:

رواه محمد بن فضيل [ثقة]، عن العلاء بن المسيب [كوفي، ثقة]، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أربع بعد العشاء يعدلن بمثلهن من ليلة القدر.

أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ١٢٧/ ٧٢٧٤).

قلت: العلاء بن المسيب لا يُعرف بالرواية عن عبد الرحمن بن الأسود، ويقال في مثله: العلاء بن المسيب عن عبد الرحمن بن الأسود لا يجيء، وإنما يُعرف هذا عن عبد الرحمن بن الأسود قوله مقطوعاً عليه، ولما سئل عن ثبته فيما يقول، فلم يقدر أن يأتي بإسناد، فلو كان أخذه عن أبيه عن عائشة لصاح به:

• فقد رواه أحمد بن إبراهيم الدورقي [ثقة حافظ]: حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي [أبو أحمد الزبيري: ثقة ثبت]: حدثنا مسعر [هو: ابن كدام: ثقة ثبت]، عن محارب بن دثار [تابعي، ثقة]، عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: من صلى أربعاً بعد العشاء كنَّ كمثلهنَّ في ليلة القدر، قلت: ممن سمعته؟ قال: إن كنَّ كذا؛ وإلا فهنَّ صوالح.

أخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على الزهد لأبيه (٢١٠٠).

وهذا مقطوع على عبد الرحمن بن الأسود قوله؛ بإسناد صحيح.

وقول عبد الرحمن بن الأسود في آخره يدل على أنه لم يكن له فيه إسناد، وفي هذا رد على المتمسكين بدعوى أن لمثله حكم الرفع.

• وقد روي عن عبد الرحمن بن الأسود من وجه آخر:

رواه الفضل بن دكين [أبو نعيم: ثقة ثبت]، عن بكير بن عامر [البجلي الكوفي: ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>