عائشة ذلك له، فلقي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عثمانَ، فقال: "يا عثمان! إن الرهبانية لم تكتب علينا؛ أفما لك فيَّ أسوة، فوالله إني أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده".
لفظ أحمد بن حنبل، وزاد الدبري بعده: قال الزهري: وأخبرني سعيد بن المسيب؛ أنه سمع سعد بن أبي وقاص: لقد ردَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان التبتلَ، ولو أحلَّه له لاختصينا.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٧/ ١٥٠/ ١٢٥٩١)، وعنه: أحمد (٦/ ٢٢٦)، وأبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (٤/ ٦٥/ ٢٥٠٦) [وفي سنده سقط نتيجة طمس في المخطوط]، والواحدي في تفسيره الوسيط (٤/ ٢٥٥)، وأبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (٤٤٩). [الإتحاف (١٧/ ٢٠٥/ ٢٢١٢٧)، المسند المصنف (٩/ ٥٣/ ٤٢٩٠) و (٣٨/ ١٧١/ ١٨٢٣٤)].
قلت: وهذا صورته مرسل؛ فإن عروة يحكيه حكاية، ولا يرويه عن عائشة، وإن كان محفوظاً عن عائشة من وجه آخر.
فالإرسال هو المحفوظ من حديث معمر عن الزهري، فإن أحمد بن حنبل هو أثبت من رواه عن عبد الرزاق، وهو أقدمهم منه سماعاً، وتابعه الدبري على هذا الوجه بالإرسال، وإسقاط عمرة من الإسناد.
• هكذا رواه معمر بن راشد [ثقة ثبت، من أثبت الناس في الزهري]، عن الزهري، عن عروة به مرسلاً.
وخالفه فقصر به، وأعضله، وأغرب في متنه: ابن أبي ذئب، فرواه عن ابن شهاب؛ أن عثمان بن مظعون أراد أن يختصي ويسيح في الأرض، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أليس لك في أسوة حسنة؟ فأنا آتي النساء، وآكل اللحم، وأصوم وأفطر، إن خصاء أمتي الصيام، وليس من أمتي من خصى أو اختصى".
أخرجه ابن سعد في الطبقات (٣/ ٣٩٤)، وعنه: البلاذري فى أنساب الأشراف (١٠/ ٢٥٤).
قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك [صدوق، من أصحاب ابن أبي ذئب المكثرين عنه]، عن ابن أبي ذئب به.
قلت: ابن أبي ذئب: ثقة، لكن يضعَّف حديثه في الزهري، ورواية معمر هي الصواب؛ فإنه من أثبت الناس في الزهري؛ وعليه: فلا تثبت هذه الزيادة التي في آخره.
° قلت: والحاصل: فإن عروة لعله قصر به مرة فحكاه حكاية حين حدث به الزهري، وإنما تحمله عروة عن عائشة، فقد حفظه هشام عن أبيه من مسند عائشة، وأنها هي التي حدثته بهذا الحديث.
[انظر تصرف البخاري في مثل ذلك؛ في الجمع بين حديثين في كل منهما علة، إحداهما في الإسناد والأخرى في المتن، أو كلاهما في الإسناد، أو الجمع بين حديث من