أرسله ومن وصله، وعدم إعلال الموصول بحديث المرسل، كمثل ما وقع في حديث بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن، وقوله لهما:"يسرا ولا تعسرا": راجع صحيح البخاري (٣٨٢ - ٣٨٤ و ٦٦٣ و ١٣٥٨ و ١٣٥٩ و ١٦٢٦ و ١٩٨٤ و ٣١٤٤ و ٤٣٢٠ و ٤٣٤٤ و ٥٤٠٤ و ٥٤٠٥ و ٦٢٤٣ و ٧٠٨٣)] [وقد سبق أن تكلمت عن بعض هذه الأحاديث في موضعها من فضل الرحيم الودود (١/ ٧٤/ ٢١) و (٨/ ٥٧/ ٧١١)] [وراجع الأحاديث المتقدمة التي راعيت فيها هذه القاعدة: (١٣٢٢) و (١٣٤٠)].
وقد روي حديث عائشة من وجهين آخرين:
أ- فقد روى مؤمل بن إسماعيل [صدوق، سيئ الحفظ]، قال: حدثنا حماد [هو: ابن سلمة]: حدثنا إسحاق بن سويد [بصري، ثقة]، عن يحيى بن يعمر، عن عائشة، قالت: كانت امرأة عثمان بن مظعون تختضب وتطيب، فتركته، فدخلت عليَّ، فقلت لها: أمُشهِدٌ، أم مُغِيبٌ؟ فقالت: مُشهِدٌ كمُغِيبٍ، قلت لها: ما لك؟ قالت: عثمان لا يريد الدنيا، ولا يريد النساء، قالت عائشة: فدخل عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته بذلك، فلقي عثمان، فقال:"يا عثمان! أتؤمن بما نؤمن به؟ "، قال: نعم، يا رسول الله، قال:"فأسوة مالك بنا؟ ".
فإن قيل: هذا إسناد منقطع؛ فقد قال الدوري:"سمعت يحيى بن معين، قال: يحيى بن يعمر: لم يسمع من عائشة" [تاريخ الدوري (٤٠٢٦)].
وقال الآجري:"قلت لأبي داود: يحيى بن يعمر سمع من عائشة؟ قال: لا" [سؤالات الآجري (٧١٦)].
فيقال: المثبت مقدم على النافي؛ فقد ثبت سماع يحيى بن يعمر من عائشة في الأسانيد، واعتمده البخاري في الصحيح [فقد صرح بسماعه منها: عند البخاري (٦٦١٩)، وأحمد (٦/ ٦٤ و ١٥٤)] [راجع: فضل الرحيم الودود (٣/ ١٠٣/ ٢٢٦)].
وعليه: فهو إسناد بصري لا بأس به، وبه يتقوى حديث ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، والله أعلم.
وقد احتملت تفرد مؤمل هنا عن حماد بن سلمة دون بقية أصحابه؛ لأسباب: الأول: أن مؤملاً مكثرٌ يوافق الثقات في أغلب مروياته، وهو من أصحاب حماد أيضاً، والثاني: اْنه لم يسلك فيه الجادة، فلم يقل فيه: حماد عن ثابت، أو: حماد عن حميد، والثالث: أنه حفظ الحديث عن حماد بإسنادين، وساقهما متتابعين، والرابع: أن في الحديث قصة تدل على ضبطه للرواية؛ ولم يأت فيها بما ينكر، والخامس: أنه قد توبع على الوجه الثاني الآتي ذكره، ولم ينفرد بأصل الحديث عن حماد.
ب - فقد رواه مؤمل أيضاً، قال: حدثنا حماد، قال: حدثنا إسحاق بن سويد، عن