هذا أظهر أمرًا في الضعف، وأحاديثه عامتها مسروقة، سرقها من قوم ثقات، ويوصل أحاديث".
ظث: كما فعل هنا، بل قد اتهمه الخطيب بالوضع.
[انظر: الكامل (٦/ ٢٧٦)، التهذيب (٧/ ١٨٩)، الميزان (٣/ ٥٧٥)، التقريب (٨٥٠)، وقال: "ضعيف"، فتساهل في أمره، وأصاب الذهبي حيث لخص القول فيه في المغني (٢/ ٣١٢) بقوله: "ضعفوه بمرة"].
• ثم إن الحديث مع كون المحفوظ فيه: مرسلًا، فإن هلال بن ميمون هذا: متكلم فيه مع قلة روايته، وتفرده بهذا الحديث، وله أحاديث أخرى أتى فيها بزيادات لم يتابع عليها، أو انفرد بها [انظر: سنن أبي داود (٥٦٠ و ٦٥٢ و ٢٤٩٣)].
قال فيه ابن معين: "ثقة"، وقال النسائي: "ليس به بأس"، وقال أبو حاتم: اليس بالقوي، يكتب حديثه"، وذكره ابن حبان في الثقات، وفي مشاهير علماء الأمصار، وقال في الأخير: "يخالف ويهم" [التهذيب (٩/ ٩٤)، الجرح (٩/ ٧٦)، مشاهير علماء الأمصار (١٤٣٥)].
والذي يظهر لي -والله أعلم-: أن حديث عدم الوضوء مما مست النار كان عند هلال بن ميمون موصولًا عن أبي سعيد، وحديث تعليم الغلام كيفية السلخ كان عنده مرسلًا، فكان يحدث به مرسلًا على الوجه الصحيح، ثم اشتبه عليه بعدُ بالحديث الآخر فصار يحدث به على الشك.
وحديث عدم الوضوء مما مست النار: حديث محفوظ مروي عن ابن عباس من طرق كثيرة صحيحة، ومروي من حديث عدد من الصحابة بأسانيد صحيحة، يأتي ذكرها بعد حديث واحد، فلا بأس بعدِّه محفوظًا من حديث أبي سعيد من هذا الطريق.
وأما حديث تعليم الغلام كيفية السلخ فهو مروي من طريق هلال بن ميمون هذا، وبه يعرف [كما يدل عليه كلام أبي بكر بن أبي داود]، وليس هو بذاك الذي يقبل منه التفرد بمثل هذا الخبر، الذي لم يعرف إلا من طريقه، مع مخالفته للثقات فيما يشاركهم فيه من الأحاديث، كما سبق الإشارة إليه، فهو حديث ضعيف؛ لإرساله، ولتفرد هلال بن ميمون به، والله أعلم.
• وله إسناد آخر لكن من رواية أحد الكذابين، فلا يعتبر به:
فقد أخرج ابن عدي في كامله (٦/ ١٤١)، من طريق: محمد بن أبي قيس، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن عطاء بن يزيد الليثي، قال: أخبرنا أبو سعيد الخدري قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . . . فذكر الحديث بنحوه وزاد فيه.
وابن أبي قيس هذا: هو محمد بن سعيد بن حسان بن قيس المصلوب: كذبوه، وصلب على الزندقة.
***