للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخرجه أبو موسى المديني في اللطائف (٢٢).

قال الدارقطني: "تفرد به ابن لهيعة عن أبي الزبير بهذا الإسناد".

قلت: هذه الرواية وهم محض؛ إنما يرويه جابر حكاية عن عبد الله بن أنيس، وليس رواية عن أنس بن مالك، فإن هذه القصة مشهورة من حديث عبد الله بن أنيس، وهو الحديث المتقدم برقم (١٣٧٩)، والله أعلم.

وقد رواه على الصواب: أسد بن موسى: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أبو الزبير، قال: أخبرني جابر؛ أن عبد الله بن أنيس الأنصاري سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ليلة القدر، وقد خلت اثنتان وعشرون ليلة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التمسوها في هذه السبع الأواخر التي يبقين من الشهر".

أخرجه الطحاوي (٣/ ٨٥).

وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل ابن لهيعة، وهو صالح في المتابعات والشواهد، وتقدم الكلام على طرقه مفصلاً تحت الحديث السابق برقم (١٣٧٨).

• فوائد: تتعلق بحديث ابن عمر بالأمر بالتماسها في السبع الأواخر، وتواطؤ رؤيا الصحابة:

قال ابن خزيمة: "هذا الخبر يحتمل معنيين: أحدهما: أن يكون - صلى الله عليه وسلم - لما علم تواطؤ رؤيا الصحابة أنها في السبع الأواخر في تلك السنة؛ أمرهم تلك السنة بتحريها في السبع الأواخر، والمعنى الثاني: أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمرهم بتحريها وطلبها في السبع الأواخر إذا ضعُفوا وعجَزوا عن طلبها في العشر كله".

وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام (٢/ ٣٨): "فيه دليل على عظم الرؤيا، والاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجوديات، وعلى ما لا يخالف القواعد الكلية من غيرها.

وقد تكلم الفقهاء فيما لو رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام، وأمره بأمر: هل يلزمه ذلك؟ وقيل فيه: إن ذلك إما أن يكون مخالفاً لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من الأحكام في اليقظة أو لا. فإن كان مخالفاً: عمل بما ثبت في اليقظة؛ لأنا - وإن قلنا: بأن من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على الوجه المنقول من صفته، فرؤياه حق - فهذا من قبيل تعارض الدليلين، والعمل بأرجحهما، وما ثبت في اليقظة فهو أرجح. وإن كان غير مخالف لما ثبت في اليقظة: ففيه خلاف.

والاستناد إلى الرؤيا هاهنا: في أمر ثبت استحبابه مطلقاً، وهو طلب ليلة القدر، وإنما ترجح السبع الأواخر لسبب المرائي الدالة على كونها في السبع الأواخر، وهو استدلال على أمر وجودي، إنه استحباب شرعي مخصوص بالتأكيد بالنسبة إلى هذه الليالي، مع كونه غير منافٍ للقاعدة الكلية الثابتة، من استحباب طلب ليلة القدر، ... " [نقله ابن العطار في العدة (٢/ ٩١٥)، وابن الملقن في الاعلام (٥/ ٤١١)].

وقد اعترض الفاكهاني في رياض الأفهام (٣/ ٥٥٠) على بعض ما قاله ابن دقيق

<<  <  ج: ص:  >  >>