للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

» وفي المقابل: فقد صح عن جبير بن نفير، عن أبي ذر، قال: صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رمضان، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر، حتى بقي سبعٌ، فقام بنا حتى ذهب ثلثُ الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسةُ قام بنا حتى ذهب شطرُ الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفَّلتنا قيامَ هذه الليلة، قال: فقال: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِبَ له قيامُ ليلة"، قال: فلما كانت الرابعةُ لم يقم، فلما كانت الثالثةُ جمع أهلَه ونساءَه والناسَ، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاحُ، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقُم بنا بقيةَ الشهر.

وهو حديث صحيح، تقدم برقم (١٣٧٥)، وانظر طرقه وألفاظه هناك، والله أعلم.

» وأما مسألة رفع ليلة القدر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -:

فقد روي عن أبي هريرة وعن ابن عباس قولهما، في أن ليلة القدر في كل عام، لم تُرفع، وأنها في كل رمضان يستقبل، لكن الإسنادين لا يخلوان من مقال، في أحدهما جهالة، وفي الآخر متهم:

أخرجه عبد الرزاق (٣/ ٢٦٦/ ٥٥٨٦)، و (٤/ ٢٥٥/ ٧٧٠٧) (٤/ ٧٨/ ٧٨٤٣ - ط التأصيل)، و (٤/ ٢٥٥/ ٧٧٠٨) (٤/ ٧٨/ ٧٨٤٤ و ٧٨٤٥ - ط التأصيل).

والعبرة في ذلك بعمل الأمة وإجماعها، ولا يلتفت إلى قول من لا يعتد به ممن خالف [انظر: مراتب الإجماع لابن حزم (٧٣)، الإقناع في مسائل الإجماع (١/ ٢٤٥)].

قال ابن الملقن في التوضيح (١٣/ ٥٩٠): "واعلم أنه أجمع من يعتد به في الإجماع على بقائها إلى يوم القيامة، وشذت الروافض فقالوا: رفعت".

وقال في الإعلام (٥/ ٣٩٧): "أجمع من يعتد به من العلماء على دوام ليلة القدر، ووجودها إلى آخر الدهر، وشذ قوم فقالوا: كانت خاصة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم رفعت، وعزاه الفاكهي إلى أبي حنيفة، وهو غريب، وإنما هو معزى إلى الروافض، واستدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام حين تلاحى الرجلان: "رفعت"، وهو غلط، فإن آخر الحديث يرد عليهم فإنه قال عليه الصلاة والسلام بعد قوله: "فرفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم، التمسوها في السبع والتسع والخمس"، ... ، وهو صريح في أن المراد برفعها بيان علم عينها، ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسها [قال الفاكهاني: والتماس المرتفع محال]، وقريب من هذا قول بعضهم: أنها مخصوصة برمضان بعينه كان ذلك الزمن، حكاه الفاكهي ثم قال: هو باطل لا أصل له" [راجع: رياض الأفهام للفاكهاني (٣/ ٤٩٩)، وفيه: "وهو باطل لا دليل عليه"].

٣ - حديث أنس بن مالك:

رواه أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي [ثقة حافظ]: حدثني ابن عفير: حدثني ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، عن أنس بن مالك - رضي الله عنهما -؛ أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ليلة القدر، وقد خلت ثنتان وعشرون ليلة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التمسوها في السبع الأواخر التي يبقين من الشهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>