للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوارد: في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وهكذا، بناء على نقصان الشهر وعدم تمامه، يعني في ليالي الوتر من العشر بحسابها فيما مضى من الشهر، والله أعلم.

وهذا هو نفس ما ذهب إليه مالك في تفسيرها، كما تقدم نقله.

وقد قلت هناك أيضًا: ونحن إذا قلنا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عنى بالوتر التاسعة التي تبقى، والسابعة التي تبقى، والخامسة التي تبقى، على الدوام في كل شهر يأتي؛ سواء كان ناقصاً أم تاماً؛ لم يكن له معنى لعموم المكلفين بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لأن عموم المكلفين إذا طلبوها في الأوتار من العشر، فليس لهم سوى سبيل واحد، وهو عد الليالي فيما مضى من الشهر، لا فيما بقي؛ لكون الأخير مما اختص الله بعلمه، من تمام الشهر أو نقصانه، وأما عده فيما مضى فهو ما يمكن المكلف فعله، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

وقلت أيضًا: أو يكون البناء على ما تيقنوه من الشهر، فالشهر إما أن يكون تاماً ثلاثين يومًا، أو ينقص يوماً فيصبح تسعةً وعشرين، فاليقين هو البناء على الأقل، وهو التسعة والعشرون، وقد قال به ابن رجب في اللطائف.

وقال ابن حجر في الفتح (٤/ ٢٦٦) بعد أن ذكر ما يزيد على ستة وأربعين قولاً في ليلة القدر: "وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل كما يفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجاها أوتار العشر، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين، على ما في حديث أبي سعيد وعبد الله بن أنيس، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين، وقد تقدمت أدلة ذلك، قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها كما تفدم نحوه في ساعة الجمعة".

° قلت: ويحسن في خاتمة الباب أن ألخص ما صح مما يعين على بيان الراجح في هذه المسألة، وذلك على ترتيب وروده في البحث:

١ - فقد ثبت في علامة ليلة القدر من حديث أبي بن كعب: فقلنا له: يا أبا المنذر بأي شيء علمته؟ قال: بالآية أو بالعلامة التي أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أخبرنا: "أن الشمس تطلع صبيحة ذلك اليوم ولا شعاع لها".

وقد حلف أُبيٌّ -لا يستثني- أنها لليلة سبع وعشرين، وذلك اجتهاد منه واستدلال - رضي الله عنه -.

أخرجه مسلم (٧٦٢/ ٢٢٠)، وتقدم برقم (١٣٧٨).

٢ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "أيكم يذكر حين طلع القمر، وهو مِثلُ شِقِّ جَفْنةٍ؟ ".

أخرجه مسلم (١١٧٠)، وتقدم تحت الحديث رقم (١٣٧٨).

قلت: معناه أنه في السبع الأواخر، حيث يكون القمر على هيئة نصف جفنة، مع

<<  <  ج: ص:  >  >>