للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل قد رده إمام حنفي من أهل الإنصاف؛ حيث قال ابن أبي العز الحنفي في التنبيه على مشكلات الهداية (٢/ ٧١٣): "لم يثبت في النهي عن البتيراء حديث، وقد روي فيه عن محمد بن كعب القرظي حديث مرسل ضعفه النووي، وذكر أبو عمر بن عبد البر حديث النهي عن البتيراء عن الخدري، وضعفه".

* وممن رد على الأحناف فريتهم في احتجاجهم بهذه البواطيل في رد السنن المشهورة الثابتة، المروية بأسانيد متواترةٍ، غايةً في الصحة، هي كالشمس في رابعة النهار: ابن القيم حيث قال في إعلام الموقعين (٤/ ٢٢٠): "المثال الثالث والخمسون: رد السُّنَّة الثابتة الصحيحة الصريحة المحكمة في الوتر بواحدة مفصولة، ... "، ثم استشهد لذلك بحديث ابن عمر، وحديث عائشة، وحديث ابن عباس، وغيرها، وقد تقدم ذكرها تحت حديث ابن عمر في الوتر بركعة واحدة، ثم أتبعها بما صح من الأثر عن عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأبي أيوب، ومعاوية بن أبي سفيان، وبما صح موقوفًا على أبي هريرة في النهي عن التشبه بالمغرب في الوتر بثلاث، إلى أن قال: "فردت هذه السنن بحديثين باطلين وقياس فاسد:

أحدهما: "نهى عن البتيراء"، وهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ولا ضعيف، وليس في شيء من كتب الحديث المعتمد عليها، ولو صح فالبتيراء: صفة للصلاة التي قد بتر ركوعها وسجودها فلم يطمئن فيها.

الثاني: حديث يروى عن ابن مسعود مرفوعًا: "وتر الليل ثلاث، كوتر النهار صلاة المغرب". وهذا الحديث و إن كان أصلح من الأول فإنه في سنن الدارقطني، فهو من رواية يحيى بن زكريا، قال الدارقطني: يقال له ابن أبي الحواجب، ضعيف، ولم يروه عن الأعمش مرفوعًا غيره، ورواه الثوري في الجامع وغيره عن الأعمش موقوفًا على ابن مسعود، وهو الصواب.

وأما القياس الفاسد: فهو أن قالوا: رأينا المغرب وتر النهار، وصلاة الوتر وتر الليل، وقد شرع الله سبحانه وتر النهار موصولاً؛ فهكذا وتر الليل".

* والحاصل: فإن حديث أبي سعيد الخدري: حديث باطل.

* يعارضه: ما رواه إسحاق بن إبراهيم الرازي: ثنا سلمة بن الفضل الأنصاري: ثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص، قال: سألت عبد الله بن عمر عن وتر الليل؟ فقال: يا بني؛ هل تعرف وتر النهار؟ قلت: نعم، المغرب، قال: صدقت، وتر الليل واحدة، بذلك أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فقلت: يا أبا عبد الرحمن! إن الناس يقولون: إن تلك البتيراء، قال: يا بني! ليس تلك البتيراء، إنما البتيراء أن يصلي الرجل الركعة التامة في ركوعها وسجودها وقيامها، ثم يقوم في الأخرى فلا يتم لها ركوعًا ولا سجوداً ولا قياماً، فتلك البتيراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>