قال مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد، قال الشافعي: كذلك كان يفعل ابن عمر، ومعاذ القاري.
وفيه قول ثالث: وهو أن يقنت في السنة كلها في الوتر إلا في النصف الأول من رمضان، كذلك قال الحسن خلاف القول الأول، وبه قال قتادة، وبلغني أن معمرًا كان يفتي به.
وفيه قول رابع: وهو أن لا يقنت في الوتر، ولا في الصبح، روي ذلك عن ابن عمر خلاف الرواية الأولى.
وروي عن طاووس أنه قال: القنوت في الوتر بدعة، وحكى ابن وهب عن مالك أنه قال: ما أقنت أنا في الوتر في رمضان ولا غيره، ولا أعرف القنوت قديمًا" [وانظر: الإشراف (٢/ ٢٧١)].
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ٢٩١): "مسألة: دعاء القنوت غير مسنون في الوتر، خلافًا لأبي حنيفة؛ إلا في النصف الأخير من رمضان، ففيه روايتان: إحداهما: مسنون، والأخرى: أنه ليس بمسنون، فدليلنا على أبي حنيفة: أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب فصلى بهم عشرين ليلة، ولم يقنت في النصف الأول، وتخلف في منزله العشر الأخير، فقدموا معاذًا فصلى بهم بقية الشهر، فدل على أنه إجماع منهم: أنه لا يقنت في النصف الأول من الشهر؛ لأنهم لم ينكروا على أبي ترك القنوت" [وقاله أيضًا في المعونة (٢٤٦)].
وقال ابن أبي العز الحنفي في التنبيه على مشكلات الهداية (٢/ ٦٥٩): "والقنوت في الوتر مختلف فيه بين الصحابة، ... " فذكر بعضها ثم قال: "وأخذ بكل قول من هذه الأقوال طائفة من العلماء بعدهم، وسبب اختلافهم فيه -والله أعلم- عدم ثبوته عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نصًا".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما قنوت الوتر: فللعلماء فيه ثلاثة أقوال:
قيل: لا يستحب بحال لأنه لم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قنت في الوتر.
وقيل: بل يستحب في جميع السنة، كما ينقل عن ابن مسعود وغيره؛ ولأن في السنن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علم الحسن بن علي -رضي الله عنهما- دعاء يدعو به في قنوت الوتر.
وقيل: بل يقنت في النصف الأخير من رمضان؛ كما كان أبي بن كعب يفعل" [الفتاوى الكبرى (٢/ ١١٩)، مجموع الفتاوى (٢٢/ ٢٧١)].
وانظر أيضًا: شرح السُّنَّة (٣/ ١٢٦)، البيان للعمراني (٢/ ٢٦٨)، المجموع شرح المهذب (٤/ ١٥)، الشرح الكبير على المقنع (٤/ ١٢٤)، وغيرها.