للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أيضًا (٢/ ١٥٥): "وأعلى خبر يحفظ في القنوت في الوتر عن أبي بن كعب في عهد عمر بن الخطاب موقوفًا: أنهم كانوا يقنتون بعد النصف، يعني: من رمضان".

قلت: وفي هذا بيان بأنه لا يثبت شيء مرفوعًا في قنوت النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوتر، لا في رمضان، ولا في غيره، وقد صرح بذلك في غير موضع، وقد نقلت كلامه في تخريج أحاديث الذكر والدعاء، كمثل قوله في حديث الحسن بن علي: "ولست أعلمه ثابتًا".

وقال ابن المنذر في الأوسط (٥/ ٢٠٥): "لم نجد في هذا الباب خبرًا أعلى من خبر بريد عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي".

وقال في موضع آخر (٥/ ٢١٥): "تكلم في حديث بريد بن أبي مريم بعض أصحابنا، فذكر أن ذكر قنوت الوتر: لا يصح، قال: لأن شعبة روى هذا الحديث فلم يذكر الوتر".

وقال ابن حبان في وصف الصلاة بالسُّنَّة عن ربادة قنوت الوتر في حديث الحسن بن علي: "وهذه اللفظة ليست بمحفوظة" [البدر المنير (٣/ ٦٣٤)].

قلت: فإذا كان حديث الحسن بن علي لا يثبت أنه في قنوت الوتر، وإنما هو دعاء مطلق؛ وإذا كان هو أعلى شيء في الباب، كما قال الترمذي (٤٦٤): "ولا نعرف عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في القنوت في الوتر شيئًا أحسن من هذا"؛ فعلى هذا: فإنه لا يصح في الباب شيء مرفوع، وأما حديث علي بن أبي طالب [المتقدم برقم (١٤٢٧)]، فإنه ليس صريحًا في قنوت الوتر، وإنما هو دعاء يقوله في آخر وتره، ومواضع الدعاء من آخر الوتر: هي السجود، أو بعد الفراغ من التشهد، والله أعلم.

* قلت: ولعله يستأنس هنا بما رواه البخاري في التاريخ الكبير (٨/ ٢٨١)، عن إبراهيم بن موسى الرازي [الفراء: ثقة حافظ]: نا إبراهيم بن موسى الزيات الموصلي [ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "كان يخطئ". التاريخ الكبير (١/ ٣٢٧)، الجرح والتعديل (٢/ ١٣٦)، الثقات (٨/ ٦٤)، اللسان (١/ ٣٧٢)، الثقات لابن قطلوبغا (٢/ ٢٥٤)]، عن يحيى بن أبي سالم [مجهول. الجرح والتعديل (٩/ ١٥٦)، الثقات (٩/ ٢٥٦) قال: سألت عبد الرحمن بن القاسم [مدني، ثقة جليل، روى له الجماعة]-وأبوه جالس إلى جنبه- عن القنوت، فقال: ما يُعرف، وأبوه ساكت، فكأني لم أر قوله شيئًا، فقال أبوه [القاسم بن محمد بن أبي بكر: أحد الفقهاء السبعة، ثقة]: هل تعرف عائشة؟ قلت: نعم، قال: فإنها عمتي؛ حدثتني أنها لم تر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قنت قط.

ثم قال ابن المنذر: "وقد اختلف أهل العلم في القنوت في الوتر:

فرأت طائفة أن يقنت في السنة كلها في الوتر، وممن رأى ذلك عبد الله بن مسعود، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وإسحاق، وأبو ثور.

وفيه قول ثان: وهو أن لا يقنت إلا في النصف من شهر رمضان، روي ذلك عن علي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وكان ابن عمر يفعل ذلك.

وبه قال محمد بن سيرين، وسعيد بن أبي الحسن، ويحيى بن وثاب، والزهري، وبه

<<  <  ج: ص:  >  >>