ولم يثبت ابن نصر المروزي في كتاب الوتر (٣٢٨ - مختصره)، هذا اللفظ من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أعرض عنه مسلم، فلم يخرجه في صحيحه مع كونه على شرطه! كما قال الحاكم [التحفة (٤٣٧٢ - ٤٣٧٦)]، وقد امشغنى عنه بحديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "أوتروا قبل أن تصبحوا". وفي رواية: "أوتروا قبل الصبح".
قلت: وعليه: فإن حديث قتادة حديث شاذ، وكان قتادة رواه بالمعنى، فأوهم معنى جديدًا، والمحفوظ رواية يحيى بن أبي كثير، وهي الموافقة لحديث ابن عمر: الذي رواه ابن أبي زائدة: أخبرني عاصم الأحول، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بادروا الصبح بالوتر" [أخرجه مسلم (٧٥٠)].
وحديث ابن أبي زائدة هذا مختصر مروي بالمعنى، من حديث عبد الله بن شقيق عن ابن عمر مرفوعًا: "فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة"، وما كان في معناه [راجع طرق حديث ابن عمر، وتخريجه مفصلًا في فضل الرحيم الودود (١٤/ ٤٢٠/ ١٢٩٥)]، والله أعلم.
• وممن أفحش في الوهم في حديث أبي سعيد هذا:
أ- ما رواه مندل بن علي، ويوسف بن خالد:
عن أبي سفيان السعدي، قال: سمعت أبا نضرة، يحدث عن أبي سعيد الخدري، قال: قيل: يا رسول الله! أنوتر بعد أذان الصبح؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أوتر قبل الأذان "، قال: وكان أذان النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد طلوع الفجر، فقالوا: أنوتر بعد الأذان؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أوتر قبل الأذان"، فقالوا الثالثة: أنوتر بعد الأذان؟ قال: "أوتروا بعد الأذان"، فرخص لهم.
وهو حديث باطل؛ تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٤١٧).
ب- وروى هشيم بن بشير، ومعتمر بن سليمان، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وهشام الدستوائي، وعبد الوارث بن سعيد، وحماد بن سلمة، وقريش بن حيان، وجرير بن حازم، وجعفر بن سليمان، وعلي بن عاصم الواسطي، ومحمد بن عبد الرحمن الطفاوي، وأبو هلال محمد بن سليم الراسبي، وغيرهم:
عن أبي هارون، عن أبي سعيد الخدري، قال: نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن: "لا وتر بعد طلوع الفجر". وفي رواية: "لا وتر بعد صلاة الصبح". وفي رواية: "من أدرك الصبح فلا وتر له". وفي رواية: "من أدركه الفجر فلا وتر له".
وهذا حديث واهٍ؛ تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٤١٧).
قال ابن نصر: "وهذا حديث لو ثبت لكان حجة لا يجوز مخالفته، غير أن أصحاب الحديث لا يحتجون برواية أبي هارون العبدي، وقد روي عن أبي سعيد من طريق آخر رواية تخالف هذه في الظاهر".
ج- وروى أبو عثمان عبد الرحمن بن عثمان كان يسكن الراهب، قال سمعت