فيكون القول المحفوظ عن سعد بن أبي وقاص في ذلك هو القول بعدم نقض الوتر، وأن من أوتر ثم نام وقام صلى ركعتين ركعتين، ولم يوتر مرة أخرى.
وهذا الوجه أقرب عندي للصواب من الأول، وذلك لأن أصحاب شعبة كانوا يرجعون إلى كتاب غندر عند الاختلاف، والعمل بذلك أولى من القول بأن شعبة رواه بالوجهين عن إبراهيم بن المهاجر، والله أعلم.
٥ - وروى شعبة [وعنه: حجاج بن منهال]؛ وهشيم بن بشير:
قال شعبة: أخبرني سليمان التيمي، عن أبي مجلز، وعن أبي عثمان، عن ابن عباس؛ أنه كان ينقض ويوتر.
وقال هشيم: أخبرنا سليمان التيمي، عن أبي مجلز، عن ابن عباس، أنه كان يقول: إذا أوتر الرجل من أول الليل ثم قام من آخر الليل فليشفع وتره بركعة، ثم ليُصلِّ، ثم ليوتر آخر صلاته.
أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٨٢/ ٦٧٢٥)، وابن المنذر فى الأوسط (٥/ ١٩٧/ ٢٦٨٨).
وهذا موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح.
• ورواه حماد بن سلمة، ووكيع بن الجراح:
عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز؛ أن أسامة، وابن عباس كانا ينقضان الوتر. لفظ حماد. ولفظ وكيع: أن أسامة بن زيد، وابن عباس قالا: إذا أوترت من أول الليل ثم قمت تصلي فصل ما بدا لك، واشفع بركعة، ثم أوتر.
أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٨٢/ ٦٧٢٨)، وابن المنذر في الأوسط (٥/ ١٩٧/ ٢٦٨٩).
وهذا موقوف على ابن عباس وأسامة بن زيد بإسناد صحيح.
• روى عن ابن عباس القول بعدم النقض: عطاء بن أبي رباح، وأبو جمرة نصر بن عمران الضبعي، وروى عنه القول بالنقض: أبو مجلز لاحق بن حميد، وأبو عثمان النهدي عبد الرحمن بن مل، والله أعلم.
• وري أيضًا عن ابن مسعود، ولا يثبت عنه [أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٥/ ١٩٨/ ٢٦٩١)].
* والحاصل: فإنه وإن ثبت عن بعض الصحابة نقض الوتر، مثل: عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأسامة بن زيد، فلا يعتبر ذلك دليلًا على الجواز من وجوه:
الأول: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى ركعتين بعد الوتر، ولم ينقض وتره؛ كما في حديث عائشة.
الثاني: أن ما جاء عن الصحابة في هذا إنما هو اجتهاد منهم في مقابلة النص، ولا اجتهاد مع النص، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا وتران في ليلة"؛ وهذا أولى أن يحتج به في هذا الموضع، بل هو نص قاطع في المسألة.