للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَّا شهرًا، فهذا حديث صحيح صريح عن أنس؛ أنه لم يقنت بعد الركوع إِلَّا شهرًا، فبطل ذلك التأويل إلى أن قال: "وقد ذهب طائفة إلى أنه يستحب القنوت الدائم في الصلوات الخمس، محتجين بأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قنت فيها، ولم يفرق بين الراتب والعارض، وهذا قول شاذ".

وقال ابن رجب في الفتح (٩/ ١٩١) بأنه حديث منكر.

قلت: هذا حديث منكر، تفرد به: أبو جعفر الرازي، عيسى بن أبي عيسى، وهو: ليس بالقوي، روى مناكير، وقد اختلف الحفاظ عليه في متنه؛ مما يدل على أنه لم يكن يضبطه [التهذيب (٤/ ٥٠٤)].

والربيع بن أنس البصري: ليس به بأس، ويتقى من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر الرازي عنه [التهذيب (١/ ٥٩٠)].

وهذا الحديث في القنوت عن أنس: قد رواه كبار الحفاظ المتقنين من أصحاب أنس؛ محمد بن سيرين، وقتادة، وعاصم بن سليمان الأحول، وأبو قلابة، وأبو مجلز، وعبد العزيز بن صهيب، وأنس بن سيرين، وموسى بن أنس، وإسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة، وثمامة بن عبد اللّه بن أنس، وثابت البناني، وحميد الطويل، وعبد الرحمن بن محمد، ومروان الأصفر؛ فلم يذكروا هذه الزيادة التي تفرد بها: الربيع بن أنس، وتفرد بها عنه: أبو جعفر الرازي، وهي قوله: ما زال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا.

ولذا قال الأثرم في الناسخ (٩٩): "فأما حديث أنس الآخر: أنه لم يزل يقنت حتى مات؛ فإنه حديث ضعيف، مخالف للأحاديث".

* تنبيه: ولسنا هنا ممن يعارض المنكر بالمنكر، فلا يُعارض حديث أبي جعفر هذا، بحديث قيس بن الربيع، الذي رواه عن عاصم بن سليمان، قال: قلنا لأنس: إن قومًا يزعمون أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يقنت بالفجر، فقال: كذبوا، إنما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرًا واحدًا، يدعو على حي من أحياء المشركين.

إذ إن كلا الحديثين منكر، واللّه أعلم.

قال البيهقيّ في السنن: "وقد رواه إسماعيل بن مسلم المكي، وعمرو بن عبيد، عن الحسن، عن أنس؛ إِلَّا أنا لا نحتج بإسماعيل المكي، ولا بعمرو بن عبيد".

* فقد روى عبد الرزاق بن همام، وقريش بن أنس، وعبد الوارث بن سعيد [وهم ثقات]:

ثنا عمرو بن عبيد، عن الحسن، عن أنس بن مالك، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يزل يقنت بعد الركوع في صلاة الغداة حتى فارقته، قال: وصليت خلف عمر بن الخطاب فلم يزل يقنت بعد الركوع في صلاة الغداة حتى فارقته. لفظ عبد الرزاق.

ولفظ عبد الوارث [ثقة ثبت]: "صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يزل يقنت في صلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>