للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه، فلم يحتج لذكر السماع في الأسانيد، وإنما اكتفى بشهرة الصحبة، وأنه أخذ عنه الفرآن، وهذا يدل على سماعه منه؛ وإن لم يقل في الإسناد: سمعت عثمان؛ لذا قال البخاري في التاريخ: "سمع عليًّا وعثمان وابن مسعود - رضي الله عنهم - "؛ لأن هؤلاء الثلاثة هم أشهر من روى عنهم القرآن، وروى عنهم الحديث أيضًا.

وقال أبو عمرو الداني في جامع البيان في القراءات السبع (١/ ٢٤٩): "وأما ما زعمه من أن عثمان لم يدّع القراءة عليه أحدٌ من الناس فباطل أيضًا، وذلك أن ثلاثة من أكابر التابعين، سوى المغيرة، قد ادّعوا ذلك، وصحّ الخبر، وثبت النقل، لعرضهم القرآن مرارًا عليه، وانتشر ذلك واستفاض عند أولي العلم من حملة القرآن، ونقلة الأخبار، وتداول النقّاد من الرّواة في كل عصر حمله ونقله، وقبِله جماعتُهم، ورضيته، ولم تنكره، ولا قدحت فيه. وأولئك التابعون هم: أبو عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش، وأبو الأسود الدؤلي" [وقد ذكر أبو عمرو الداني أخذ أبي عبد الرحمن السلمي القرآن عن عثمان بن عفان في مواضع أخرى من كتابه، انظر مثلًا: (١/ ٢٥٥)].

ولما اشتهر ذلك واستفاض عند حملة القرآن ونقلة الأخبار أن أبا عبد الرحمن السلمي ممن أخذ القرآن عن عثمان، مع جزم البخاري بالسماع مطلقًا، واحتجاجه بحديثه في الصحيح: جزم الخطيب البغدادي بسماعه من عثمان مطلقًا، فقال في ترجمته من تاريخ بغداد (١١/ ٨٨ - ط الغرب): "عبد الله بن حبيب بن ربيعة، أبو عبد الرحمن السلمي الكوفي، وهو أخو خرشة بن حبيب: سمع عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد اللّه بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وأبا موسى الأشعري".

وتبعه على إثبات السماع: ابن الجوزي في المنتظم (٧/ ١٠١)، والذهبي في التاريخ (٢/ ٨٩٧ - ط الغرب)، وانظر أيضًا: التاريخ الأوسط (١/ ١٥٨/ ٧١٩)، المبسوط في القراءات العشر (٥٦ و ٧٨)، الإقناع في القراءات السبع (٣٨)، تاريخ دمشق (٢٥/ ٢٣١)، جمال القراء (٥١٣ و ٥١٨ و ٥٦٨)، معرفة القراء الكبار (٨)، تاريخ الإسلام (٢/ ٢٥٧ و ٨٩٧)، السير (١٢٦٨/ ٤، جامع التحصيل (٣٤٧)، تحفة التحصيل (١٧٢)، غاية النهاية (١/ ٤١٣)، تحبير التيسير في القراءات العشر (١١٩).

قال ابن حجر في الفتح (٩/ ٧٦): "لكن ظهر لي أن البخاري اعتمد في وصله، وفي تخريج لقاء أبي عبد الرحمن لعثمان على ما وقع في رواية شعبة عن سعد بن عبيدة من الزيادة، وهي: أن أبا عبد الرحمن أقرأ من زمن عثمان إلى زمن الحجاج.

وأن الذي حمله على ذلك هو الحديث المذكور، فدل على أنه سمعه في ذلك الزمان، وإذ سمعه في ذلك الزمان ولم يوصف بتدليس؛ اقتضى ذلك سماعه ممن عنعنه عنه، وهو عثمان - رضي الله عنه -، ولا سيما مع ما اشتهر بين القراء أنه قرأ القرآن على عثمان، وأسندوا ذلك عنه من رواية عاصم بن أبي النجود وغيره، فكان هذا أولى من قول من قال: إنه لم يسمع منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>