وقد نفاه جماعة، منهم: ابن عبد البر، والقاضي عياض، وأبو زرعة العراقي، والذهبي.
قال ابن عبد البر في التمهيد (٨/ ٥٩): "هذا إسناد ليس بمتصل؛ لأن سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد، ولا من علي، ولم ير واحدًا منهما، ومولد سليمان بن يسار سنة أربع وثلاثين، وقيل: سنة سبع وعشرين، ولا خلاف أن المقداد توفي سنة ثلاث وثلاثين".
وقال القاضي عياض في الإكمال (٢/ ١٣٩): "وسليمان بن يسار: لم يسمع من علي، ولا من المقداد".
واعتمد على قوله أبو زرعة العراقي، فقال في تحفة التحصيل (١٣٩): "لا يمكن سماعه من المقداد؛ لأن الجمهور على أنه مات سنة سبع ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، فيكون مولده سنة أربع وثلاثين أو نحوها، فلا يمكن سماعه من المقداد ... ".
وقال الذهبي في السير (٤/ ٤٤٥): "وما أراه لقيه"، وقد قال بقول الجمهور المقتضي لعدم الإدراك.
وقد نفى سماعه أيضًا: الإمام الشافعي، وتبعه البيهقي.
قال المنذري في مختصر السنن: "وقال الشافعي: حديث سليمان بن يسار عن المقداد: مرسل؛ لا نعلمه سمع منه شيئًا، قال البيهقي: هو كما قال".
ومع هذا فإن الحديث صحيح ثابث من طرقٍ عن علي، قال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٢٣٩): "والحديث ثابت عند أهل العلم صحيح، له طرق شتى عن علي، وعن المقداد، وعن عمار أيضًا، كلها صحاح حسان".
قال ابن عبد البر في التمهيد (٨/ ٥٩): "وبين سليمان بن يسار وعلي في هذا الحديث: ابن عباس، وسماع سليمان بن يسار من ابن عباس غير مدفوع".
وقال البيهقي (١/ ١١٥): "هكذا. رواه أبو النضر عن سليمان، ورواه بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان عن ابن عباس موصولًا".
قلت: حديث ابن عباس عن علي:
يرويه عبد الله بن وهب، قال: أخبرني مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس، قال: قال علي بن أبي طالب: أرسلنا المقداد بن الأسود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن المذي، يخرج من الإنسان، كيف يفعل به؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "توضأ وانضح فرجك".
أخرجه مسلم (١٩/ ٣٠٣)، وأبو عوانة (١/ ٢٢٩/ ٧٦٣ و ٧٦٤)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (١/ ٣٥٩/ ٦٩٤)، والنسائي (١/ ٢١٤/ ٤٣٨)، وابن خزيمة (٢٢)، وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند (١/ ١٠٤)، والبزار (٢/ ١٠٢/ ٤٥٢)، وابن عدي في الكامل (٦/ ٤٢٨)، والدارقطني في الغرائب (١/ ٢٢٢ - ٢٢٣ - أطرافه)، والبيهقي (١/ ١١٥)، وابن عبد البر في التمهيد (٨/ ٥٩).