للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى هذا يكون لابن حبان ثلاثة أقوال في سنة وفاته: (٩٤) و (١٠٩) و (١١٠).

واعتمد على الأول في إثبات سماع سليمان بن يسار من المقداد؛ ولعل كلامه في الثقات أضبط منه في غيره، وذلك لكونه جمع الأقوال ونظر فيها، ثم رجح ما صح عنده، وعلى هذا فهو متضمن لنفي السماع والإدراك بالكلية، لكون سليمان ولد بعد سنة من وفاة المقداد، والله أعلم.

وقد ذكر الذهبي أن الجمهور على أن سليمان مات سنة سبع ومائة، وضعَّف بقية الأقوال، قال في السير (٤/ ٤٤٦ - ٤٤٧): "وقال ابن سعد: كان ثقة عالمًا رفيعًا فقيهًا كثير الحديث، مات سنة سبع ومائة، وكذا أرَّخه مصعب بن عبد الله وابن معين والفلاس وعلي بن عبد الله التميمي والبخاري وطائفة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، قلت: فيكون مولده في أواخر أيام عثمان في سنة أربع وثلاثين، وقال يحيى بن بكير: توفي سنة تسع، وهذا وهم، لعله تصحف، وقال خليفة: مات سنة أربع، وقال الهيثم بن عدي: سنة مائة، وهذا شاذ، وأشذ منه: رواية البخاري عن هارون بن محمد عن رجل: أنه مات هو وابن المسيب وعلي بن الحسين وأبو بكر بن عبد الرحمن: سنة الفقهاء: سنة أربع وتسعين" [انظر: طبقات ابن سعد (٥/ ١٧٤)، التاريخ الأوسط (١/ ٢٣٥)، مولد العلماء ووفياتهم (١/ ٢٣٩ و ٢٥٧ و ٢٦١)، التعديل والتجريح (٣/ ١١٢١)، تذكرة الحفاظ (١/ ٩١)، التهذيب (٣/ ٥١٣)].

هكذا نسب الذهبي للبخاري القول بأنه مات سنة (١٠٧)؛ كقول الجمهور، وقد يقال: إن هذا القول ذكره البخاري ولم يعتمده بل ضعفه؛ فقال في الأوسط (١/ ٣٧١): "وقد سمع أسامة بن زيد من سليمان مولى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقال -ولم يصح عندي-: مات سنة سبع ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة".

قلت: هذه الجملة نقلها مغلطاي في إكماله (٦/ ١٠٣) هكذا: "وقد سمع أسامة من سليمان بن يسار، ويقال: لم يصح، مات سنة سبع ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة".

فلعلها هي نفس النسخة التي وقعت للذهبي، وعليه: فالذهبي لم يخطئ في نسبة هذا القول إلى البخاري، لكن الذي يظهر لي -والله أعلم- أن البخاري ضعف هذا القول -كما جاء في المطبوع-، وذلك لأنه ترجم لسليمان بن يسار فيمن مات بين التسعين إلى المائة [انظر: التاريخ الأوسط (١/ ٣٧١ و ٣٧٨)].

والحاصل: أن الجمهور على أن سليمان بن يسار مات سنة (١٠٧)، بعد أن عاش (٧٣) سنة، وعليه: فيكون مولده سنة (٣٤)؛ أي: بعد وفاة المقداد [ت (٣٣)] بسنة واحدة، فلم يدركه.

وعليه: فالإسناد منقطع.

ولم أر أحدًا أثبت سماع سليمان من المقداد سوى ابن حبان في صحيحه، ولعله لذلك أثبته العلائي في جامع التحصيل (٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>