(١٢/ ٥٣٢)، الميزان (٢/ ٥٨٩)]، وقد فرَّق الذهبي بين البزوري والطرسوسي، وجعلهما ابن حجر واحدًا، وهو الأقرب، واعتذر له عن هذا الحديث بأنه أُدخِل عليه، وأنه حديث باطل [السير (١٢/ ٥٣٠)، الميزان (٢/ ٥٨٨)] تاريخ الإسلام (٦/ ٥٦٩ - ط الغرب)، اللسان (٥/ ١٣٤)]، قلت: هو صدوق مشهور، ادخل عليه حديثٌ وشُبِّه به عليه، فلا يسقط الرجل لأجل ذلك، ويبقى بقية حديثه على الاستقامة حتى يأتي ما يدل على خطئه ووهمه، ولم يورده العقيلي في ضعفائه، ولا ابن عدي في كامله، ولذا صدر الذهبي ترجمته في السير بقوله:"الإمام، المحدث، الصادق"، وقد فرَّق بين البزوري والطرسوسي لما رأى من كثرة حديث البزوري واستقامته، ورواية الكبار عنه، والحاصل: أن البزوري يحتمل في مثل هذا، وهو معروف بكثرة الرواية عن زكريا بن عدي، والله أعلم.
• فإن قيل: قال الخطيب: "وهذا الحديث أيضًا مما قيل: إن حفصًا تفرد به عن الأعمش، وقد توبع عليه، ... "، ثم ساق بإسناده إلى: عبد المؤمن بن خلف النسفي [إمام حافظ قدوة. السير (١٥/ ٤٨٠)]، قال: سألت أبا علي صالح بن محمد [هو: الحافظ الإمام الناقد صالح جزرة. ت (٢٩٣)]، عن حديث حفص، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال:"من أقال ... " الحديث؟ فقال أبو علي:"حفص ولي القضاء، وجفا كتبه، وليس هذا الحديث في كتبه".
قلت: أخشى أن يكون صالح بن محمد جزرة أخذ هذا القول عن: حسين بن حميد بن الربيع [ت (٢٨٣)]، فإنه أقدم وفاة من صالح جزرة بما يقرب من عشر سنوات، ولو كان هذا الحديث من أوهام حفص على الأعمش، لما سكت ابن معين على ذلك، وقد عُرف عنه الإنكار على حفص بن غياث ما ينفرد به دون الناس [انظر مثلًا: سؤالات ابن محرز (٢/ ٢٦/ ٢٥)، تاريخ بغداد (٩/ ٧٦ - ط الغرب)]، فكيف وقد حدث به ابن معين عن حفص؛ فضلًا عن أن ينكره عليه، بل قد اشتهر الحديث عن ابن معين ورواه عنه الخلق، وهذا الحديث قد رواه يحيى بن معين وزكريا بن عدي عن حفص بن غياث، ولم ينفرد به حفص، بل تابعه عليه: مالك بن سعير بن الخمس، فهي زيادة محفوظة عن الأعمش، والله أعلم.
وقد احتج البخاري في صحيحه بشيء من أفراد حفص بن غياث عن الأعمش، وزياداته على أصحاب الأعمش:
فمن أفراد حفص عن الأعمش مما احتج به البخاري في الصحيح (٤٧٤١): ما تفرد به حفص عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد مرفوعًا: في حديث بعث النار: "فينادي بصوت"، قال الذهبي في السير (٩/ ٣١): "احتج بهذه الكلمة بعض قضاتنا على أن حفصًا لا يحتج به في تفرده عن رفاقه بخبر: "فينادى بصوت: إن الله يأمرك أن تبعث بعثًا إلى النار" فهذه اللفظة ثابتة في صحيح البخاري، وحفص: فحجة، والزيادة من الثقة: فمقبولة، والله أعلم".