للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن عمار الشهيد في العلل (٣٥): "وهو حديث رواه الخلق عن الأعمش عن أبي صالح؛ فلم يذكر الخبر في إسناده غير أبي أسامة، فإنه قال فيه: عن الأعمش، قال: حدثنا أبو صالح.

ورواه أسباط بن محمد، عن الأعمش، عن بعض أصحابه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. والأعمش كان صاحب تدليس، فربما أخذ عن غير الثقات".

وقال ابن رجب في جامع العلوم (٣/ ١٠٠١): "هذا الحديث خرجه مسلم من رواية الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، واعترض عليه غير واحد من الحفاظ في تخريجه، منهم أبو الفضل الهروي والدارقطني، فإن أسباط بن محمد رواه عن الأعمش، قال: حُدثت عن أبي صالح، فتبين أن الأعمش لم يسمعه من أبي صالح، ولم يذكر من حدثه به عنه، ورجح الترمذي وغيره هذه الرواية".

قلت: لكن أسباط بن محمد ذكر الدارقطني في العلل (١٠/ ١٨٤/ ١٩٦٦) أنه قد اختلف عليه، مما يضعف الاعتماد على روايته في رد زيادة أبي أسامة في إثبات سماع الأعمش من أبي صالح، قال الدارقطني: "ورواه أسباط بن محمد، واختلف عنه؛ فقيل: عنه عن الأعمش، قال: حُدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقيل: عنه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، جمعهما؟ أنهما سمعا النبي -صلي الله عليه وسلم-".

وقال أبو موسى المديني في اللطائف (٥٦): "وروي عن أسباط بن محمد عن الأعمش، قال: حدثت عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقيل: عن أسباط أيضًا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد معًا".

وعليه: فالصحيح: اتصال الإسناد بين الأعمش وأبي صالح، وأنه قد سمعه منه، اعتمادًا على رواية أبي أسامة، وهو ثقة ثبت، قال فيه أحمد: "كان ثبتًا، ما كان أثبته، لا يكاد يخطئ"، وقال أيضًا: "أبو أسامة: أثبت من مائة مثل أبي عاصم، كان أبو أسامة صحيح الكتاب، ضابطًا للحديث، كيسًا صدوقًا"، وكثيرًا ما يقضي له أبو حاتم عند الاختلاف بين الرواة، كما في العلل لابن أبي حاتم [الجرح والتعديل (٣/ ١٣٢)، التهذيب (١/ ٤٧٧)].

وقد رواه عن الأعمش جمع غفير من أصحابه بدون واسطة بينه وبين أبي صالح، وهو في أصله محمول على الاتصال؛ حتى يتبين لنا انقطاعه.

وأما أسباط بن محمد، فهو: كوفي ليس به بأس، روى له الجماعة، وهو مكثر عن الأعمش؛ إلا أنه قد يخالف أصحابه، أو ينفرد عنهم بما لا يتابع عليه، فكيف يقدَّم قوله النافي للسماع على قول أبي أسامة المثبت للسماع؟! والمثبت مقدَّم على النافي؛ لا سيما مع تقدم أبي أسامة في الحفظ والإتقان على أسباط، وأن أبا أسامة قد توبع في الجملة على الاتصال، بينما لم يتابع أسباط على رواية الانفصال.

كذلك فإن أبا أسامة ثبت في جميع مشايخه، ومنهم: الأعمش [إلا ما وقع لأهل

<<  <  ج: ص:  >  >>