للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: رواية الجماعة عن حماد هي الصواب، وقد زادوا في الإسناد مبهمًا، وقد قصر بإسناده ابن قعنب.

• ورواية حزم وحماد عن محمد بن واسع أشبه بالصواب، مما تقدم ذكره من الطرق عن محمد بن واسع، لكنهما أبهما الواسطة بين محمد بن واسع وبين أبي صالح، وليست الواسطة هي محمد بن المنكدر؛ فإنه لا يُعرف من حديثه، ولكنه هو الأعمش؛ لكونه مشهورًا من حديثه، وكما بلغ علي بن عبد العزيز البغوي، وكما جاء التصريح بذلك في رواية حماد بن سلمة، حيث ضبطه وجود إسناده.

• فقد روى حماد بن سلمة، عن محمد بن واسع، وأبي سورة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من ستر أخاه المسلم ستره الله يوم القيامة، ومن نفس عن أخيه كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".

أخرجه النسائي في الكبرى (٦/ ٤٦٦/ ٧٢٤٧)، وابن حبان (٢/ ٣٩٢/ ٥٣٤). [وقد تقدم ذكره في الطريق الخامس من طرق حديث الأعمش عن أبي صالح].

قلت: وهذا هو المحفوظ من الاختلاف على محمد بن واسع في هذا الحديث، ضبطه حماد بن سلمة وجوَّد إسناده، ورجع الحديث بذلك إلى حديث الأعمش، والله أعلم.

قال الدارقطني في العلل (١٠/ ١٨٢/ ١٩٦٦): "فرجع حديث محمد بن واسع إلى الأعمش، وهو محفوظ عن الأعمش".

وقال الخطيب: "والحديث محفوظ عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة، ... ، وكذلك قيل: عن حماد بن سلمة عن محمد بن واسع. وهو صحيح من حديث الأعمش".

قلت: وتصرف النسائي في سننه يدل على ترجيح رواية حماد بن سلمة، حيث ختم بها ذكر الاختلاف على محمد بن واسع، فبدأ برواية يزيد بن هارون عن هشام بن حسان، ثم أتبعها برواية روح بن عبادة، والذي زاد في الإسناد محمد بن المنكدر، ثم ثلث برواية حماد بن زيد، والذي أبهم الواسطة، ثم ختم برواية حماد بن سلمة، والذي عين الواسطة على الصواب، ورجع بالحديث إلى حديث الأعمش، وهو الصواب، والله أعلم.

وهو حديث صحيح، كما تقدم بيانه في طرق حديث الأعمش عن أبي صالح.

وبهذا الترتيب لطرق حديث محمد بن واسع، وبيان علته، وبيان وجه الصواب منه، يظهر المعنى المراد من كلام الحاكم في المعرفة، حين قال عن حديث معمر: "هذا إسناد من نظر إليه من غير أهل الصنعة لم يشك في صحته وسنده، وليس كذلك، فإن معمر بن راشد الصنعاني ثقة مأمون، ولم يسمع من محمد بن واسع، ومحمد بن واسع ثقة مأمون، ولم يسمع من أبي صالح، ولهذا الحديث علة يطول شرحها، وهو مثل لألوف مثله من الأحاديث التي لا يعرفها إلا أهل الصنعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>