على الوجهين"؛ يعني: ما رواه عنه الجماعة من حديث أبي هريرة، وما رواه عنه مالك مرسلًا.
وعليه: فهو حديث صحيح من رواية الجماعة، وهو مرسل من رواية مالك، والله أعلم.
* ومما صح أيضًا في فضل فاتحة الكتاب:
١ - عن عمار بن رزيق، عن عبد الله بن عيسى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: بينما جبريل قاعد عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، سمع نقيضًا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: "هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك"، فقال: "هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته".
أخرجه مسلم (٨٠٦)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٣٩٧).
٢ - عن أبي بشر، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد -رضي الله عنه-، قال: انطلق نفر من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لُدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعلًا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفِل عليه، ويقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٧٥)} فكأنما نُشِط من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلَبة، قال: فأوفوهم جُعلَهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له، فقال: "وما يدريك أنها رقية"، ثم قال: "قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهمًا"، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
أخرجه البخاري (٢٢٧٦ و ٥٠٠٧ و ٥٧٣٦ و ٥٧٤٩)، ومسلم (٢٢٠١)، وقد سبق تخريجه بطرقه، وشاهده من حديث ابن عباس [أخرجه البخاري (٥٧٣٧)]، في تخريج أحاديث الذكر والدعاء (٤/ ١٣١٦).
٣ - عن مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهْرة، يقول: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بأمِّ القرآن فهي خِداجٌ، فهي خِداجٌ، فهي خِداجٌ، غيرُ تمامٍ".
قال: فقلت: يا أبا هريرة، إني أكون أحيانًا وراء الإمام؟ قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها يا فارسيُّ في نفسك؛ فإني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "قال الله -عز وجل-: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل".