للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخشى أن يكون من الوليد بن مسلم نفسه، لم يضبط إسناده على خلاف عادته في حديث الأوزاعي، وهو المقدم فيه عند الاختلاف، والأقرب عندي رواية الجماعة، لا سيما وفيهم رجل من أثبت الناس في الأوزاعي، بل قدمه النسائي على الوليد بن مسلم، إنه الوليد بن مزيد، وتابعه على ذلك جماعة من أصحاب الأوزاعي المكثرين عنه، ولم يختلف عليهم في إسناده، إنما وقع الاختلاف في رواية الوليد، مما يشعر بأنه لم يضبط إسناده، والله أعلم.

° فإن قيل: الزيادة في الإسناد من الثقة مقبولة، وقد توبع عليها:

• فقد رواه أبو أسامة [حماد بن أسامة: ثقة ثبت]: حدثنا سفيان، عن الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر، عن مولى فضالة، عن فضالة؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعجبه حسن الصوت بالقرآن، فقال: "لله أسرع أذنًا إلى حسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته".

أخرجه أبو الشيخ في الأقران (٤٠٤)، وابن بطة في الإبانة (٧/ ١٢٢/ ٩٢).

رواه أبو أيوب الشاذكوني، وأبو عبد الرحمن الوكيعي: حدثنا أبو أسامة به.

فيقال: أولًا: الثوري والأوزاعي قرينان، من نفس الطبقة، ثم هو غريب من حديث الثوري، ثم من حديث أبي أسامة.

ثانيًا: أبو أيوب الشاذكوني: هو: سليمان بن داود المنقري: حافظ؛ إلا أنه متروك هالك، كذبه جماعة من الأئمة، ورموه بالوضع [انظر: السير (١٠/ ٦٧٩)، تذكرة الحفاظ (٢/ ٤٨٨)، اللسان (٤/ ١٤٢)].

وأبو عبد الرحمن الوكيعي: هو: أحمد بن جعفر الضرير: ثقة حافظ [تاريخ بغداد (٥/ ٩٥ - ط الغرب)، تاريخ الإسلام (٥/ ٢٥٨ - ط الغرب) , السير (١٠/ ٥٧٤)، الثقات لابن قطلوبغا (١/ ٢٩٧)].

وابن بطة أخرجه بإسناد صحيح إلى أبي عبد الرحمن الوكيعي، ولا أراه يثبت عنه، فلا هو من حديث أبي أسامة، ولا من حديث الثوري.

وابن بطة نفسه متكلم فيه، روى بعض حديثه بغير سماع، وله أباطيل، وقد تكلم فيه الدارقطني والخطيب، حتى قال الخطيب عن حديث من روايته: "هذا باطل، والحمل فيه على ابن بطة"، فاعتذر له الذهبي فقال: "أفحش العبارة، وحاشى الرجل من التعمد، لكنه غلط، ودخل له إسناد في إسناد"، وقال الذهبي أيضًا: "ولابن بطة مع فضله أوهام وغلط"، وحمل عليه ابن حجر في اللسان [تاريخ بغداد (١٠/ ٣٧١)، الميزان (٣/ ١٥)، السير (١٦/ ٥٢٩)، اللسان (٥/ ٣٤٢)]، فقد يكون دخل له حديث في حديث.

والحاصل: فالحمل في هذا الحديث على ابن بطة، فلو كان الحديث معروفًا من حديث الثوري، أو من حديث أبي أسامة؛ فاين عنه أصحاب السنن والمسانيد والمصنفات، والكل يتشوف إلى حديث الثوري، وتحمله وروايته، فكيف ينتشر حديث من هو دونه من أصحاب الأوزاعي، ولا يُعرف حديثه إلا عند أبي الشيخ في أقرانه وابن بطة

<<  <  ج: ص:  >  >>