زمعة أحاديث مناكير [العلل ومعرفة الرجال (٢/ ٥٢٧/ ٣٤٧٩)، الثقات (٦/ ٣٩٩)، الكامل (٣/ ٣٣٨)، التهذيب (١/ ٦٣٥) و (٢/ ٧٩)، علل الترمذي الكبير (٢٦٧)، طبقات الشافعية الكبرى (١/ ٢٦٦)].
ولهذه القصة المذكورة طرق أخرى لكنها منقطعة ومعضلة لا تغني شيئًا، لا نطيل بذكرها، ومن أراد المزيد فلينظر تخريج الشيخ مشهور على خلافيات البيهقي (٢/ ٣٢ - ٣٨)، فقد أطال النفس في بيان بطلان هذه القصة؛ لما اشتملت عليه مما لا يجوز نسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من الإقرار بتسمية الشعر قرآنًا، والله -سبحانة وتعالى- يقول: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} [الحاقة: ٤١]، ومن نسبة الكذب العمد والتقول على الله كذبًا إلى هذا الصحابي الجليل.
وقد حكم على هذه القصة بالوضع: محمد رشيد رضا في فتاويه (٣/ ٩٧٠ - ٩٧١)، ومحمد حامد الفقي في تعليقه على "الرد على الجهمية".
قال محمد رشيد رضا في مجلة المنار (١١/ ٧/ ٥٢٠): "أما وجه حكمي بوضعها: فهو ما فيها من نسبة تعمد الكذب من صحابي من الأنصار الأولين الصادقين الصالحين، وتسميته الشعر قرآنًا؛ أي: نسبته إلى الله -عز وجل- القائل فيه: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} [الحاقة: (٤١)]، وإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - له على ذلك بالضحك الدال على الاستحسان، كما صرح به في بعض الروايات، وقد صرح العلماء بأن من نسب إلى القرآن ما ليس منه كان مرتدًا".
وأما الشعر الوارد في القصة فنسبته ثابتة عن ابن رواحة:
فقد أخرج البخاري في الصحيح (١١٥٥ و ٦١٥١)، وفي التاريخ الكبير (٨/ ٢١٢)، وفي الأوسط (١/ ٢٣)، وأحمد (٣/ ٤٥١)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٤/ ٣٧/ ١٩٨١)، ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ (١/ ١٩٩) و (٣/ ٢٨٦)، وابن جرير الطبري في مسند عمر من تهذيب الآثار (٢/ ٨٦٠/ ٩٦٧)، والبيهقي (١٠/ ٢٣٩)، وابن عساكر (٢٨/ ١٠٥):
من طريق: يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرني الهيثم بن أبي سنان: أنه سمع أبا هريرة - رضي الله عنه -، وهو يقص في قصصه، وهو يذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[يقول:] "إن أخًا لكم لا يقول الرفث"، يعني بذلك: عبد الله بن رواحة قال:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
• هذا ما وقفت عليه مرفوعًا من أحاديث الباب، وكما ترى لا يصح منه شيء، وإنما يصح عن علي موقوفًا عليه في النهي عن قراءة الجنب للقرآن، وكذلك صح عن عمر بن الخطاب:
فقد روى سفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، ويعلى بن عبيد، وحفص بن غياث، وأبو معاوية، وغيرهم: