للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن الجوزي في التحقيق (١/ ٤٨٨) بأن هذا الحديث: لا يعرف، وأقره ابن عبد الهادي في التنقيح (٢/ ٣٧).

قلت: هذا حديث باطل، باطل، باطل.

قال الخطيب: "لم أكتبه إلا من هذا الوجه".

قلت: ومحمد بن خلف بن رجاء، وأبوه خلف بن رجاء، وشيخه الحسن بن صالح: لم أجد من ترجم لهم سوى الأخير الذي ترجم له الخطيب في المتفق، وأخرج له هذا الحديث في ترجمته، وهو الحسن بن صالح أبو علي البيكندي: حدث عن سفيان بن عيينة، ووكيع، وأبي معاوية، ومحمد بن عبيد، وحفص بن غياث، ومروان بن معاوية.

وروى عنه: السري بن عصام، وقيس بن أنيف، وخلف بن رجاء: البخاريون. اهـ.

وبِيكَنْد: بالكسر وفتح الكاف وسكون النون: من بلاد ما وراء النهر، على مرحلة من بخارى إذا عبرت النهر، بين بخارى وجيحون، لها ذكر في الفتوح، وكانت بلدة حسنة كبيرة كثيرة العلماء [الأنساب (١/ ٤٣٤)، معجم البلدان (١/ ٦٣٢) قال السمعاني: "خربت الساعة".

فكيف لمثل هذا أن يتفرد عن أهل الكوفة بحديث كهذا من أحاديث الأحكام، وهو فصلٌ في كثير من مسائل الإمامة.

وأبو معاوية الكوفي، وهو: محمد بن خازم الضرير، قد روي عنه خلق كثير، فكيف يتفرد عنه أحد الغرباء غير المشاهير، الذي لم يترجم له أئمة الجرح والتعديل، مثل: البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان وغيرهم؛ إلا لكونه من المغمورين غير المعروفين بالطلب.

ثم إنه قد تفرد عنه خلف بن رجاء، ولم يروه عنه سوى ابنه محمد، وهما لا يُعرفان.

فمثل هذا يجزم ببطلانه؛ لا سيما وسياقه يشبه كلام الفقهاء، فإن الحكم على الصلاة بالفساد: هو مصطلح اصطلح عليه الفقهاء والأصوليون، وإنما الذي جاء على لسان نبينا - صلى الله عليه وسلم - من ذلك إنما هو نفي الصلاة، سواء أريد به الصحة أو الكمال، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس ... " الحديث، وقوله: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، وقوله: "لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان"، وقوله: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة".

أو نفي القبول: مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة"، وقوله: "من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة".

أو نفي الإجزاء: مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب".

والدليل على أن هذا إنما هو عين كلام الفقهاء، فنسبه بعضهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -:

ما رواه عبد الرزاق في مصنفه (٢/ ٣٥٠/ ٣٦٥٩)، عن الثوري، قال: سمعت حمادًا، يقول: إذا فسدت صلاة الإمام؛ فسدت صلاة القوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>