للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحماد: هو ابن أبي سليمان: الفقيه الكوفي المشهور، شيخ أبي حنيفة، ومنه أخذ الأحناف هذه القاعدة وساروا عليها، وهي داخلة عندهم تحت قاعدة: "إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه"، أو: "إذا بطل المتضمِّن بطل المتضمَّن" [انظر: الحجة (١/ ٢٦٦)، المبسوط (١/ ١٨٥ و ٣٩٧)، كلاهما لمحمد بن الحسن الشيباني، الآثار لأبي يوسف (١٤٤)، شرح القواعد الفقهية للزرقا (٥١)].

فإن قيل: فهل يستدل بهذا الحديث على جواز إحرام المأموم قبل إمامه؟

قلنا: ليس في الحديث ما يدل على ذلك؛ لأن المأموم هنا إنما كبَّر مقتديًا بإمام يصح الاقتداء به، ثم بطلت صلاته بذكره، فاستأنفت صلاته، فلم يخرج المأموم عن كونه مقتديًا بإمام يصح الاقتداء به، فهو كمن صلى خلف إمام متطهر ثم سبقه الحدث في أثناء صلاته في المعنى [انظر: التمهيد (١/ ١٤٤)، فتح الباري لابن رجب (٣/ ٦٠١)].

ونختم الكلام على هذه الجملة بقول الإمام أحمد، فقد روى ابن عبد البر في التمهيد (١/ ١٤١)، بسنده إلى أبي بكر الأثرم: أنه سأل الإمام أحمد عن حديث أبي بكرة؟ وفيه: "قيل له: فلو فعل هذا إنسان اليوم هكذا، أكنت تذهب إليه؟ قال: نعم".

وانظر كلام الإمام الشافعي في الأم (٢/ ٣٥٢)، وقد رجح الانتظار على الاستخلاف، وكذلك رجح إتمامهم فرادى.

هله هي الحالة الأولى: وهي صحة صلاة المأمومين خلف الإمام الجنب الناسي، إذا تذكر في أثناء الصلاة.

ب- وأما الحالة الثانية، وهي: إذا تذكر الإمام بعدما يفرغ من الصلاة:

فنقول: بأن صلاتهم صحيحة، ولا إعادة عليهم، وإنما تجب الإعادة على الإمام وحده.

ودليل ذلك: حديث أبي بكرة، وحديث أنس، وفعل عمر، وعثمان، وابن عمر.

قال ابن عبد البر (١/ ١٤٥): "وحسبك بحديث عمر في ذلك، فإنه صلى بجماعة من الصحابة صلاة الصبح، ثم غدا إلى أرضه بالجرف، فوجد في ثوبه احتلامًا فغسله واغتسل، وأعاد صلاته وحده، ولم يأمرهم بإعادة، وهذا في جماعتهم من غير نكير ... ".

وصح ذلك أيضًا عن عثمان وابن عمر.

وانظر إلى جواهر العلم في كلام هذا الإمام المطلبي بعد أن ذكر أدلته من مرسل عطاء بن يسار، ومرسل ابن سيرين، ومسند أبي هريرة [وقلنا بأنه: شاذ]، ومسند أبي بكرة:

قال الإمام الجليل الشافعي في الأم (٢/ ٣٢٩): "وبهذا نأخذ، وهذا يشبه أحكام الإسلام؛ لأن الناس إنما كلفوا في غيرهم الأغلب فيما يظهر لهم، وأن مسلمًا لا يصلي إلا على طهارة، فمن صلى خلف رجل، ثم علم أن إمامه كان جنبًا، أو على غير وضوء، وإن كانت امرأته أمت نساءً، ثم علمن أنها كانت حائضًا، أجزأت المأمومين من الرجال والنساء صلاتهم، وأعاد الإمام صلاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>