ولو علم المأمومون من قبل أن يدخلوا في صلاته أنه على غير وضوء، ثم صلوا معه، لم تجزهم صلاتهم؛ لأنهم صلوا بصلاة من لا تجوز له الصلاة عالمين.
ولو دخلوا معه في الصلاة غير عالمين أنه على غير طهارة، وعلموا قبل أن يكملوا الصلاة أنه على غير طهارة، كان عليهم أن يتموا لأنفسهم، وينوون الخروج من إمامته مع علمهم، فتجوز صلاتهم؛ فإن لم يفعلوا، فأقاموا مؤتمين به بعد العلم، أو غير ناوين الخروج من إمامته، فسدت صلاتهم، وكان عليهم استئنافها؛ لأنهم قد ائتموا بصلاة من لا تجوز لهم الصلاة خلفه عالمين.
وإذا اختلف علمهم، فعلمت طائفة، وطائفة لم تعلم، فصلاة الذين لم يعلموا أنه على غير طهارة جائزة، وصلاة الذين علموا أنه على غير طهارة فأقاموا مؤتمين به غير جائزة.
ولو افتتح الإمام طاهرًا، ثم انتقضت طهارته فمضى على صلاته عامدًا أو ناسيًا، كان هكذا، وعمد الإمام ونسيانه سواء، إلا أنه يأثم بالعمد، ولا يأثم بالنسيان إن شاء الله تعالى".
وانظر أيضًا: الأم (٢/ ٣٥١)، في الصلاة بإمامين أحدهما بعد الآخر، ففيه فوائد جمة في أحكام الإمامة والاستخلاف.
ج- الحالة الثالثة: في الإمام يتمادى في صلاته ذاكرًا لجنابته، أو ذاكرًا أنه على غير وضوء، أو مبتدئًا صلاته كذلك، وهو مع ذلك معروف بالإسلام.
والحكم في هذا هو ما ذكره الإمام الشافعي في الفقرة الثانية، والثالثة، والرابعة، والخامسة.
ودليل ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه (٦٩٤)، وأحمد (٢/ ٣٥٥ و ٥٣٦ - ٥٣٧)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (٢/ ١٤)، وابن حزم في المحلى (٤/ ٢١٥)، والبيهقي (٢/ ٣٩٦) و (٣/ ١٢٦)، والبغوي في شرح السُّنَّة (٣/ ٤٠٥/ ٨٣٩).
من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يصلون لكم [وفي رواية: يصلون بكم]، فإن أصابوا فلكم [ولهم]، وإن أخطؤوا فلكم وعليهم".
قال ابن حجر في الفتح (٢/ ٢٢٠): "قال ابن المنذر: هذا الحديث يرد على من زعم أن صلاة الإمام إذا فسدت، فسدت صلاة من خلفه".
وقال البغوي: "هذا حديث صحيح، قلت: فيه دليل على أنه إذا صلى بقوم وكان جنبًا أو محدثًا أن صلاة القوم صحيحة، وعلى الإمام الإعادة سواء كان الإمام عالمًا بحدثه متعمد الإمامة أو كان جاهلًا".
وروي معناه من حديث عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أم الناس فأصاب الوقت وأتم الصلاة، فله ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئًا فعليه ولا عليهم"، وهو حديث حسن.