ثم أخرج له حديثًا ثانيًا (١٠٤٠ و ١٠٤٨ و ١٠٦٢ و ١٠٦٣ و ٥٧٨٥) في الكسوف معنعنًا، ثم علقه من طرقٍ عن الحسن، ومنها قوله: (وتابعه موسى عن مبارك عن الحسن قال: أخبرني أبو بكرة ... "، ومن المعلوم أن في تفرد المبارك بن فضالة بذكر السماع في حديث الحسن فيه نظر، فقد أنكر الإمام أحمد على المبارك تصريحه بسماع الحسن من بعض الصحابة مع أن أصحاب الحسن يذكرونه عنه بالعنعنة [راجع: التهذيب (٨/ ٣٢)].
ثم أخرج له حديثًا ثالثًا (٧٨٣) معنعنًا أيضًا، في الركوع دون الصف، لم يصرح فيه بالسماع من أبي بكرة، لكن أتى التصريح بالتحديث في رواية أبي داود (٦٨٣ و ٦٨٤)، والنسائي (٢/ ١١٨).
ثم أخرج له حديثًا رابعًا (٤٤٢٥ و ٧٠٩٩) بالعنعنة: "لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة"، وقد نظرت في طرق الحديث فلم أظفر منها بتصريحه بالسماع، فهو مروي بالعنعنة في كل طرقه التي اطلعت عليها.
ويصلح هذا الحديث الأخير أن يقال فيه: إن البخاري احتج بعنعنة الحسن بعد ما ثبت له السماع في أحاديث أخرى مما يدل على أن عنعنة الحسن لا تضره مطلقًا إلا إذا لم يثبت لنا سماعه من شيخه فحينئذ يتوقف فيه.
ومن الممكن أن يقال في هذا الأخير أيضًا: إن البخاري احتج بعنعنة الحسن لما علم أنه متابَع عليه، ولم ينفرد به عن أبي بكرة، فقد قال البزار في مسنده (٩/ ١٠٧ /٣٦٤٩) بعد هذا الحديث من رواية الحسن عن أبي بكرة معنعنًا: "وهذا الحديث قد رواه أبو بكرة، ورواه عن أبي بكرة جماعة، وهذا الإسناد أحسن إسناد يروى في ذلك من حديث حميد الطويل".
٣ - ابن المديني:
أورد الإمام البخاري في التاريخ الكبير (٢/ ٢٩٠) حديث العقيقة عن سمرة بن جندب في ترجمة الحسن البصري ثم قال: "قال علي: وسماع الحسن من سمرة صحيح، وأخذ بحديثه:"من قتل عبده قتلناه".
يعني: أن ابن المديني احتج بحديثه هذا مع أنه معنعن، ومخالف لما عليه جمهور العلماء من أن السيد لا يقاد بعبده، وهذا يعني: أن أحاديث الحسن عن سمرة كلها محمولة على الاتصال بعد ثبوت سماعه منه في حديث العقيقة.
٤ - أن الذين وصفوا الحسن بالتدليس قبلوا عنعنة الحسن، واحتجوا بها، كابن حبان والحاكم.
٥ - واحتج بعنعنته أيضًا وصحح له: الترمذي وابن خزيمة وابن الجارود وأبو عوانة والبزار والبيهقي والضياء وابن القطان الفاسي ومغلطاي والهيثمي [راجع: المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس (١/ ٥١٠ - ٥١٧)].
• إذا تبين هذا فلا وجه لتضعيف هذا الإسناد بدعوى تدليس الحسن البصري، وهذا