للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّفْظِ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ، وَالْقِيَاسُ لَيْسَ مِنْ دَلَالَاتِ الْأَلْفَاظِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ دَلِيلًا بِنَصِّ الشَّارِعِ؛ بِخِلَافِ الْمَفْهُومِ؛ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ فِي اللُّغَةِ؛ وَالشَّارِعُ بَيَّنَ الْأَحْكَامَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ

الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الصِّفَةِ الْخَاصَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ الِاسْمِ الْعَامِّ، وَهَذَا قَدْ وَافَقَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِمَّنْ خَالَفَ فِي الصِّفَةِ الْمُبْتَدَأَةِ حَتَّى إنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ يَكُونُ حُجَّةً فِي الِاسْمِ غَيْرِ الْمُشْتَقِّ؛ كَمَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ:

«جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا طَهُورًا» . وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ: النَّاسُ رَجُلَانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ فَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَيَجِبُ عَلَيْك أَنْ تُحْسِنَ إلَيْهِ. عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَصَدَ تَخْصِيصَ الْمُسْلِمِ بِهَذَا الْحُكْمِ؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً: يَجِبُ عَلَيْك أَنْ تُحْسِنَ إلَى الْمُسْلِمِ. فَإِنَّهُ قَدْ يُظَنُّ أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى الْعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ حُكْمِهِ غَالِبًا؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» وَكَذَلِكَ «فِي الْإِبِلِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ» أَقْوَى مِنْ قَوْلِهِ «فِي السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ» ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: «فِي الْإِبِلِ السَّائِمَةِ» فَلَوْ كَانَ حُكْمُهَا مَعَ السَّوْمِ وَعَدَمِهِ سَوَاءً لَكَانَ قَدْ طَوَّلَ اللَّفْظَ وَنَقَصَ الْمَعْنَى أَمَّا إذَا قَالَ: " فِي السَّائِمَةِ " فَقَدْ يُظَنُّ أَنَّهُ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهَا أُغْلَبَ الْأَمْوَالِ، أَوْ لِكَوْنِ الْحَاجَةِ إلَى بَيَانِهَا أَمَسَّ، وَهَذَا بَيِّنٌ، كَذَلِكَ هُنَا إذَا كَانَ مَقْصُودُهُ انْتِقَالَ نَصِيبِ الْمَيِّتِ إلَى طَبَقَتِهِ مَعَ الْوَلَدِ وَعَدَمِهِ.

فَلَوْ قَالَ: فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ كَانَ نَصِيبُهُ لِذَوِي طَبَقَتِهِ. كَانَ قَدْ عَمَّمَ الْحُكْمَ الَّذِي أَرَادَهُ؛ وَاخْتَصَرَ اللَّفْظَ. فَإِذَا قَالَ: فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ كَانَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ. كَانَ قَدْ طَوَّلَ الْكَلَامَ وَنَقَصَ الْمَعْنَى؛ بِخِلَافِ مَا إذَا حَمَلَ فِي ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِصَاصِ بِالْحُكْمِ؛ فَإِنَّهُ يَبْقَى الْكَلَامُ صَحِيحًا مُعْتَبَرًا وَالْوَاجِبُ اعْتِبَارُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا أَمْكَنَ.

وَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ بِحَالٍ مَعَ إمْكَانِ اعْتِبَارِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>