للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنَّ الشَّرْطَ فِي الطَّلَاقِ مُتَعَلِّقٌ بِالْفِعْلِ الَّذِي هُوَ وَتِلْكَ الْأَسْمَاءُ الْمَعْطُوفَةُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي حَيِّزِ هَذَا الْفِعْلِ. وَهِيَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى مَفَاعِيلُ لَهُ؛ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ فِي الْقَسَمِ. فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَكَذَا، ثُمَّ كَذَا: إنْ شَاءَ اللَّهُ. كَانَ الشَّرْطُ مُتَعَلِّقًا بِالْفِعْلِ فِي جَوَابِ الْقَسَمِ، وَالْمَفَاعِيلُ دَاخِلَةٌ فِي مُسْتَثْنَاهُ.

وَتَنَاوَلَ الْفِعْلُ لِمَفَاعِيلِهِ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ، فَإِذَا كَانَ قَدْ قَيَّدَ تَنَاوُلَهُ لَهَا بِقَيْدٍ تَقَيَّدَ تَنَاوُلُهُ لِلْجَمِيعِ بِذَلِكَ الْقَيْدِ؛ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ طَالِقٌ: إنْ شَاءَ زَيْدٌ. فَإِنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالشَّرْطِ هُنَا اسْمُ الْفَاعِلِ؛ لَا نَفْسُ الْمُبْتَدَأِ.

وَالْخَبَرُ الثَّانِي لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي خَبَرِ الْخَبَرِ الْآخَرِ؛ بَلْ كِلَاهُمَا دَاخِلٌ فِي خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ؛ فَلِهَذَا خَرَجَ هُنَا خِلَافٌ، وَهَذَا فَرْقٌ بَيِّنٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الشَّرْطَ فِي الطَّلَاقِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ. لَيْسَ فِيهِ مَا يُوجِبُ تَعَلُّقَهُ بِجَمِيعِ الْجُمَلِ؛ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ.

فَإِنَّ الضَّمِيرَ يَقْتَضِي الْعَوْدَ إلَى جَمِيعِ الْمَذْكُورِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ فِي الطَّلَاقِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْأُخْرَى: فَإِنَّ الطَّلْقَةَ تَقَعُ مَعَ وُجُودِ الْأُولَى وَعَدَمِهَا. فَإِذَا عُلِّقَتْ بِالشَّرْطِ لَمْ تَسْتَلْزِمْ تَعْلِيقَ الْأُولَى؛ لِانْفِصَالِهَا عَنْهَا. وَقَدْ اعْتَقَدُوا أَنَّ " ثُمَّ " بِمَنْزِلَةِ التَّرَاخِي فِي اللَّفْظِ فَيَزُولُ التَّعَلُّقُ اللَّفْظِيُّ وَالْمَعْنَوِيُّ فَتَبْقَى الْجُمْلَةُ الْأُولَى أَجْنَبِيَّةً عَنْ الشَّرْطِ عَلَى قَوْلِهِمْ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ. فَإِنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْجُمْلَةِ الْأُولَى مِنْ جِهَةِ الضَّمِيرِ وَمِنْ جِهَةِ الْوُجُودِ، وَمِنْ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ. فَلَا يَصِحُّ اللَّفْظُ بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ إلَّا بَعْدَ الْأُولَى، وَلَا وُجُودَ لِمَعْنَاهَا إلَّا بَعْدَ الْأُولَى، وَلَا اسْتِحْقَاقَ لَهُمْ إلَّا بَعْدَ الْأُولَى؛ سَوَاءٌ قُدِّرَ التَّرَاخِي فِي اللَّفْظِ أَوْ لَمْ يُقَدَّرْ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْأُولَى أَجْنَبِيَّةً عَنْ الثَّانِيَةِ حَتَّى تُعَلَّقَ الثَّانِيَةُ وَحْدَهَا بِالشَّرْطِ.

وَاَلَّذِي تَحَقَّقَ أَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي الطَّلَاقِ فَقَطْ: إنَّهُ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَضْرِبَنَّ زَيْدًا، ثُمَّ عَمْرًا، ثُمَّ بَكْرًا - إنْ شَاءَ اللَّهُ - عَادَ اسْتِثْنَاءً إلَى الْجَمِيعِ. فَقَوْلُهُ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ إنْ كَانُوا فُقَرَاءَ. أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ. مِنْ حَيْثُ إنْ هُنَا تُعَلِّقُ الضَّمِيرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>