للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهُ الثَّامِنُ: أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْحَرْفِ الْمُرَتَّبِ وَالْحَرْفِ الْجَامِعِ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ. ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الصِّفَةِ.

وَالصِّفَةُ إذَا أُطْلِقَتْ فَكَثِيرًا مَا يُرَادُ بِهَا الصِّفَةُ الصِّنَاعِيَّةُ النَّحْوِيَّةُ. وَهُوَ الِاسْمُ التَّابِعُ لِمَا قَبْلَهُ فِي إعْرَابِهِ: مِثْلُ أَنْ تَقُولَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ الْعُدُولِ. فَإِنَّ اخْتِصَاصَ الْجُمْلَةِ هُنَا بِالصِّفَةِ الْآخِرَةِ قَرِيبٌ وَمَسْأَلَتُنَا شُرُوطٌ حُكْمِيَّةٌ. وَهِيَ إلَى الشُّرُوطِ اللَّفْظِيَّةِ أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى الِاسْتِثْنَاءِ. وَإِنْ سُمِّيَتْ صِفَاتٍ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ قُصِدَ هَذَا أَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَلَا فَاصِلَ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْجَمِيعِ. وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الصِّفَةِ. فَعُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مُشِيرًا إلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُعِيدُ ذَلِكَ إلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ. وَهَذَا إنَّمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَاتِ التَّابِعَةِ؛ لَا يَقُولُهُ فِي الشُّرُوطِ وَالصِّفَاتِ الَّتِي تَجْرِي مَجْرَى الشُّرُوطِ. فَصَارَ هُنَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: الِاسْتِثْنَاءُ بِحَرْفِ " إلَّا " الْمُتَعَقِّبُ جُمَلًا؛ وَالْخِلَافُ فِيهِ مَشْهُورٌ.

الثَّانِي: الِاسْتِثْنَاءُ بِحُرُوفِ الشَّرْطِ؛ فَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا عَائِدٌ إلَى الْجَمِيعِ.

الثَّالِثُ: الصِّفَاتُ التَّابِعَةُ لِلِاسْمِ الْمَوْصُوفِ بِهَا وَمَا أَشْبَهَهَا وَعَطْفُ الْبَيَانِ، فَهَذِهِ تَوَابِعُ مُخَصَّصَةٌ لِلْأَسْمَاءِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ.

الرَّابِعُ: الشُّرُوطُ الْمَنْعُوتَةُ بِحَرْفِ الْجَرِّ: مِثْلُ قَوْلِهِ: عَلَى أَنَّهُ. أَوْ: بِشَرْطِ أَنْ يَفْعَلَ. أَوْ بِحُرُوفِ الْعَطْفِ: مِثْلُ قَوْلِهِ: وَمِنْ شَرْطِهِ كَذَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ مِثْلُ الِاسْتِثْنَاءِ بِحُرُوفِ الْجَزَاءِ.

وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ تَمَامِ الِاسْمِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الِاسْتِثْنَاءِ بِإِلَّا؛ وَكُلُّ مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِ الْكَلَامِ وَهُوَ النِّسْبَةُ الْحُكْمِيَّةُ الَّتِي بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ وَبَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ، فَهُوَ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ بِحَرْفِ الشَّرْطِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ حُرُوفَ الْجَرِّ وَحُرُوفَ الشَّرْطِ الْمُتَأَخِّرَةَ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْفِعْلِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَقَفْت. وَهُوَ الْكَلَامُ.

وَالْجُمْلَةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ وَالْبَدَلُ وَالصِّفَةُ النَّحْوِيَّةُ وَعَطْفُ الْبَيَانِ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي هِيَ مَفَاعِيلُ هَذَا الْفِعْلِ. وَيَجُوزُ كَلَامُ مَنْ فَرَّقَ عَلَى جُمَلٍ أَجْنَبِيَّاتٍ مِثْلُ أَنْ تَقُولَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي،

<<  <  ج: ص:  >  >>