للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى فهو بَيِّنٌ بوَصْفِ الحِلِّ يَعْرفُه كُلُّ واحدٍ بِهذا الوَصْف، وأنَّ ما هو حرامٌ عندَه فهو كذلك وإلا لم يبقَ الشُّبْهات، وإنَّما معناه - والله تعالى أعلم -: أن الحلالَ من حيثِ الحُكْم بيِّنٌ بأنَّه لا يضُرُّ تناوُله، وكذا الحرامُ من حيث أنَّه يَضُرُّ تناوُله، أي: هما بَيِّنَان يعرفُ النَّاسُ حكمَهما، لكن ينبغي أنْ يُعلمَ أن حكمَ مَا بَيْنَهما من المُتَشابِهاتِ بأنَّ تناوَله يُخْرج من الوَرع، ويقرِّبُ إلى تناوُل الحَرامِ وعلى هذا فقوله: "الحلال بَيِّنٌ والحرام بيِّنٌ" اعتذارٌ لترك ذكر حُكْمِها.

• وقوله: "وَبَيْنَ ذَلِكَ"، أي: المذكورُ من الحَرامِ والحَلالِ.

• وقوله: "مُشْتَبِهَاتٌ": - بفتح الباءِ أو كسرها - من التَّشْبِيْهِ، أي: مُلْبِسَاتٌ أو مُوْقِعَاتٌ في الشُّبْهةِ لتَجَاذُب الأصْول، المَبْنِيُّ عليها أمرُ الحِلِّ والحُرْمةِ فيها.

• وقوله: "اسْتِبْرَاءً": - بألف - مفعولٌ لأجله لِـ"تَركَ"، أي: تحصيلًا للبراءَةِ لدِيْنِه من الذمَّ الشَّرْعِي، وصَوْنًا لعِرْضِه عن كلامِ النَّاس فيه.

• وقوله: "فَقَدْ سَلِمَ": - بكسر اللام - أي: في الدُّنْيا والآخِرَة.

• وقوله: "يُوشِكُ": - بضَمِّ الياء، وكسر الشِّين - أي: يقرُب؛ لأنَّه يتعاهَد به التَّساهُلَ وَيَتَمَرَّنُ عليه، ويجسر على شُبهةٍ أخرى أغلظُ منها وهكذا حتى يقعَ في الحرامِ.

"والحِمَى": - بكسر الحَاء، والقصر - أرضٌ تَحْمِيها الملوكُ ويمنعونَ النَّاس عن الدُّخولِ فيها، فمن دَخَلَه أوْقَع فيه العقوبةَ، ومن احتاطَ لنفسه لا يُقارب ذلك الحِمَى خوفًا من الوُقُوْع فيه، والمَحَارمُ كذلك يعاقبُ اللهُ تعالى على ارْتِكابِها فمن احتاطَ لنفسه لم يُقَارِبْهَا بالوُقُوع في الشُّبْهاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>