بَابُ مَا جَاءَ فِي الاعْتِكَافِ إذَا خَرَجَ مِنْهُ
٥٢٣ - (٨٠٣) - (٣/ ٥٧١) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَعْتكِفُ فِي العَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَلَمْ يَعْتكِفْ عَامًا، فَلَمَّا كَانَ فِي العَامِ المُقْبِلِ اعْتكَفَ عِشْرِينَ.
قَالَ أبُوْ عِيْسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي المُعْتكِفِ إِذَا قَطَعَ اعْتِكَافَهُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُ عَلَى مَا نَوَى، فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: إِذَا نَقَضَ اعْتِكَافهُ وَجَبَ عَلَيْهِ القَضَاءُ، وَاحْتَجُّوا بِالحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ مِنْ اعْتِكَافِهِ، فَاعْتكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ، وَهُوَ قَول مَالِكٍ. وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نَذْرُ اعْتِكَافٍ أَوْ شَئٌ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَانَ مُتَطَوِّعًا، فَخَرَجَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ إِلَّا أَنْ يُحِبَّ ذَلِكَ اخْتِيَارًا مِنْهُ، وَلا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَول الشَّافِعِيِّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَكُلُّ عَمَلٍ لَكَ أَنْ لا تَدْخُلَ فِيهِ، فَإِذَا دَخَلْتَ فِيهِ، فَخَرَجْتَ مِنْهُ، فَلَيْسَ عَلَيْكَ أَنْ تَقْضِيَ إِلَّا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ. وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
• قوله: "خَرَجَ مِنْ اعْتِكَافِهِ"، أي: بعدَ الشُّرُوْع، وهذَا على بعضِ تأويلاتِ الحديثِ وقد سَبَقَ الكلامُ فيها مَسْتَوْفِيًا.
• قوله: "إِلَّا الحَجَّ": لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ﴾ (١) والإتمامُ بعدَ الشروع.
(١) البقرة: ١٩٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute