للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد تَصَفَّحتُ عن هذا الحديثِ في المَسانِيدِ الكِبارِ والصِّغارِ، وسألتُ عَمَّنْ لقيتُه من أهل العِلم فلم أجِدْ له طريقًا غيرَ هذا، والحارثُ بْنُ عمرو هذا مجهولٌ، وكذا أصحابُ مُعاذٍ، وأهلُ حِمَّص لا يُعْرَفُونْ، ومثل هذا الإنسانِ لا يُعْتَمد عليه في أصلٍ من أصولِ الشَّريعةِ، وذِكْرُ الفُقَهاءِ إيَّاه في كُتُبِهم ليس بحُجَّةٍ؛ لأنَّه من بابِ تَقليدِ الخَلَف السَّلَفَ، وليسَ لهم طريقٌ غير هذا، نعم إنْ أتَوا بطريقٍ غير هذا يُنْظَر فيه، وأنَّى لهم ذلك؟. وقال المِزِّي (١): "ابنُ عمرو لا يُعْرَف بِهذا الحديثِ، لا يصِحُّ حديثُه ولا يُعْرَف".

قلتُ: لكنَّ الحديثَ له شواهدُ موقوفةٌ عن عمر، وابنِ مسعودٍ، وزيدِ بْن ثابتٍ، وابن عباسٍ، وقد أخْرَجَها البيهقيُّ في سُنَنِه عقيبَ تَخْريْجِه لهذا الحديثِ تقويةً له. انتهى (٢).

• قوله: "أَجْتَهِدُ": الاجتهادُ بذلُ الوُسْع والطَّاقةِ، ويتَعدَّى بـ"في" يُقال:


(١) هو: الإمام العلامة حافظ العصر، العالم الحبر، محدِّث الشام، ناقد الأسانيد والألفاظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف القضاعي الكلبي المزي، الدمشقي الشافعي، ولد بظاهر حلب في العاشر من ربيع الآخر، سنة أربع وخمسين وست مائة، ونشأ بالمزة، وحفظ القرآن وتفقه على مذهب الشافعي، وحصَّل طرفا من العربية، وبرع في التصريف واللغة، ثم شرع في طلب الحديث بنفسه وله عشرون سنة، وسمع بالحرمين، وحلب، وحماة، وبعلبك وغير ذلك، وبرع في فنون الحديث، وأقرَّ له الحُفَّاظ من مشايخه وغيرهم بالتقدُّم، وحدَّث بالكثير نحو خمسين سنة، فسمع منه الكبار والحفَّاظ، وولي دار الحديث الأشرفية ثلاثا وعشرين سنة ونصف، من تصانيفه: "تهذيب الكمال"، و"الأطراف" وغير ذلك. توفي ثاني عشر صفر سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة، ودفن بمقابر الصوفية. راجع لترجمته: تذكرة الحفاظ: ٤/ ١٤٩٨، الوافي بالوفيات: ٢٩/ ١٠٦، طبقات الشافعية الكبرى: ١٠/ ٣٩٥، شذرات الذهب: ٢٣٦: ٨.
(٢) راجع: مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود للسيوطي: ٢/ ٨٨١، ٨٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>