• قوله:"حِيْنَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ": قال مُحْيُ السُّنَّةِ (١): الشَّمْس في مكةَ ونواحِيْها إذا اسْتَوتْ فوقَ الكعبة في أطول يومٍ من السَّنَة لم يُرَ لشيءٍ من جوانِبها ظِلٌّ فإذا زَالَتْ ظَهَرَ الفَيءُ قَدْرَ الشِّرَاكِ من جانبِ الْمَشْرِقِ وهو أوَّلُ وقت الظهر.
• وقوله:"ثُمَّ صَلَّى العَصْرَ": المرادُ شَرَعَ فيها. وأمَّا قوله:"صَلَّى المَرَّةَ الثَّانِيَةَ الظُّهْرَ … " إلخ، فالمرادُ فرغ منها وهذا؛ لأنَّ تعريف وقتِ الصَّلاةِ بالمرَّتَيْن يقتضي أنْ يُعْتَبَر الشُّرُوْعُ في أولى المرَّتين، والفراغُ في الثَّانِيَةِ منهما لِيَتَعَيَّنَ بِهِمَا الوقتُ، ويُعْرَفُ أنَّ الوَقْتَ من شُرُوْع الصَّلَاة في أولى المرَّتَيْن إلى الفَرَاغ مِنْهَا فِي المرَّةِ الثانية، وهذا معنى قوله:"وَالوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ"، أي: وقت الشُّرُوْع فِي المرَّة الأولى، ووقت الفراغ في المرة الثانية، فسقط ما يُتَوَهَّمُ أنَّ الحَّدِيْثَ يُعْطِي أنَّ صَلاةَ الظُّهْرِ فِي المَرَّةِ الثَّانِيَةِ كَانَتْ فِي وَقْتِ صلاةِ الْعَصْرِ فِي المرَّةِ الأولى، وكذَا مَا يُتَوَهَّمُ أنَّ الوقتَ فيما بين هذين الوَقْتَيْن لا يسْتَقِيْمُ بالنَّظر إلى صلاةِ المغرب، ولهذا المَبْحَثِ زيادةُ بسط قرَّرْنَاه في حاشية فتح القدير.
(١) هو: الإمام العلامة، شيخ الإسلام، محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي، كان إماما جليلا، ورعا زاهدا فقيها، محدثا مفسرا، جامعا بين العلم والعمل، لقب بـ "محيي السنة"، نسبته إلى "بغا" من قرى خراسان بين هرات ومرو. من تصانيف: "شرح السنة" في الحديث، و"لباب التأويل في معالم التنزيل" في التفسير، و"مصابيح السنة"، و"الجمع بين الصحيحين"، وغير ذلك. توفي بـ "مرو الروذ" من مدن خراسان في شوال، سنة ست عشرة وخمس مائة. راجع لترجمته: تذكرة الحفاظ: ٤/ ١٢٥٧، الوافي بالوفيات: ١٣/ ٤١، طبقات الشافعية الكبرى: ٧/ ٧٥، سير أعلام النبلاء: ١٩/ ٤٣٩.