للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحملَ بعضُ الفضلاءِ قوله: "لَعَلَّهُ سَيُدْرِكُهُ. . . " إلخ، على خِضْر وقال: وفيه دليلٌ على حياتِه.

وقال القاضي: إنذارُ الأنبياءِ تحذيرٌ للقلوب من الفِتَنِ وطمأنِيْنَةٌ لها حتى لا يضرَّ في حُسْن اعتقادِها ما يَطْرأ عليها من الفِتَن دونَ ذلك، وكذلك تقريبُ النبي صلى الله تعالى عليه وسلَّم له زيادةٌ في التَّحذير؛ لأنَّه إن لم يكن فتنةُ الدَّجالِ قريبةً فإنَّ قريبًا منها قريبٌ في فسادِ الأدْيَان، واتِّباع الأئمة المُضِلِّيْن، والافتتانِ بالسَّلاطين (١).

• قوله: "مِثْلُهَا": قال القاضي: إشارةٌ إلى أنَّهم كانوا على الإيمانِ ثابِتِيْن. وقال: "أَوْ خَيْرٌ" (٢): منها ساقطٌ، وإنْ رواها المستورون يعنى أنَّه وقع سهوٌ من الرُّواةِ فإنَّ القلوبَ لم تكن عندَ مُفارَقةِ النبي صلى الله تعالى عليه وسلَّم إلى المَنازلِ كهِيَ بحَضْرَتِه، ولا بعدَ موتِه بلَحْظَةٍ كهِيَ عند ظهور العَيْن، وقد قال أنسٌ: "مَا نَفَضْنَا أيْدِيَنَا مِنْ تُرْبَةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أنْكَرْنَا قُلُوْبَنَا" انتهى.

قلتُ: يمكنُ حملُه على الخَيْريَّة من وجهٍ فإنَّ الثُّباتَ على الإيمانِ مع وجودِ تلك الفِتْنةِ لا يُساويه الثُّباتُ عندَ ظهور المُعْجِزاتِ، والخَيْريَّة من وجهٍ لا يُنافيها الخيريَّةُ في وقتِه صلى الله تعالى عليه وسلَّم من وجوهٍ كثيرةٍ، والنَّاظر في الأحاديثِ يعرف أن هذا حقٌّ لابدَّ من اعتبارِه في كثيرٍ من الأحاديث. والله أعلم.


(١) قال القاضي: (مثلها اليوم أو خير: فهذه الكلمة وأشباهها تسقط الأحاديث وإن رواها المستورون. . .)، راجع: عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي لابن العربي: ٩/ ٦٢.
(٢) راجع: المصدر السابق نفسه مع نفس الجزء والصفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>