لِحَفْصَةَ: لَا تُرَاجِعِي رَسُولَ اللهِ ﷺ وَلا تَسْأَلِيهِ شَيْئًا، وَسَلِيني مَا بَدَا لَكِ، وَلا يَغُرَّنَّكِ إِنْ كَانَتْ صَاحِبَتُكِ أَوْسَمَ مِنْكِ وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ. قَالَ: فَتَبَسَّمَ أُخْرَى، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَسْتَأْنِسُ؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَمَا رَأَيْتُ فِي البَيْتِ إِلَا أَهَبَةَ ثَلاثَةً. قَالَ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ! ادْعُ اللهَ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى أُمَّتِكَ فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِسَ وَالرُّومِ وَهُمْ لا يَعْبُدُونَهُ، فَاسْتَوَى جَالِسًا، فَقَالَ: "أَوَ في شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ! أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا". قَالَ: وَكَانَ أَقْسَمَ أَنْ لا يَدْخُلَ عَلَى نِسَائِهِ شَهْرًا فَعَاتَبَهُ اللهُ فِي ذَلِكَ وَجَعَلَ لَهُ كفَّارَةَ اليَمِينِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ بَدَأَ بِي قَالَ: "يَا عَائِشَةُ إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ شَيْئًا فَلا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَويْكِ"، قَالَتْ: ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الَايَةَ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ﴾ (١) الآيَةَ. قَالَتْ: عَلِمَ وَاللهِ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، فَقُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ. قَالَ مَعْمَرٌ فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! لا تُخْبِرْ أَزْوَاجَكَ أَنِّي اخْتَرْتُكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "إِنَّمَا بَعَثَنى اللهُ مُبَلِّغًا وَلَمْ يَبْعَثْني مُتَعَنِّتًا".
قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
• قوله: "صَاحِبَتُكُمْ"، أي: ضرَّتُكم عائشةُ. "أوْسَمُ مِنْكِ"، أي: أحسن.
(١) الأحزاب: ٢٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute